مثل المرسى الكبير وعين إكرورقان ومجموعة "بشارهما غير" وبعض الأماكن في بلديات "العنصر" و "بوتليليس وميسرغين إلخ ... ويخضع البيان هذه المناطق لإجراءات تعسفية تذكرنا بتلك التي كانت تطبق على سكان ما كان يسمى قبيل الإحتلال بالمؤسسات الفرنسية في الجزائر (?).

ولم يفطن المواطنون إلى أخطار التعاون التقني والثقافي على كثرتها نظراً لكونها لم تظهر إلا بعد مدة، ولأنها تحدث بدون ضجيج تحت جناح الحضارة وفي ظلمة الجهل والأمية، وعلى العكس من ذلك، فإن وجود القواعد الإستعمارية، بعد الإعلان عن الإستقلال، قد أحدث سخطاً كبيراً في أوساط الجماهير، خاصة

عندما بدرت بعض التصرفات السيئة من الجنود الفرنسيين وعدد من قادتهم، ثم تحول السخط إلى ضغط صامت أدى إلى الإسراع بالجلاء الذي تم قبل الموعد المحدد بكثير.

ولو كان هؤلاء السكان يدركون أن التعاون المشروط يصبح على مر السنين، كابحاً يمنع الثورة من مواصلة سيرها الطبيعي، وخطراً يهدد شخصيتهم بالمسخ والذوبان، لو كانوا يدركون ذلك لما سكتوا، ولا يبدوا لهذا التيار الجارف مقامتهم التي سبق أن برهنت على نجاحها.

وكلفنا عدم التغظن هذا ثمناً باهظاً، فغزت المدارس الفرنسية قرانا ومدارسنا في حين أغلقت المدارس الحرة التي كانت تعلم اللغة العربية بحجة العمل على التوحيد والرغبة في إعداد جيل العلم والتكنولوجيا، لأن الإستعمار الجديد يؤكد بأن اللغات الوطنية عاجزة عن نقل المعارف العصرية (?)، وأن لغة "الوطن الأم" وحدها هي التي يمكن أن تشكل النافذة التي يطل منها الإنسان المتخلف على دنيا الإختراع والإبداع.

واقتحمت اللغة والعقلية الفرنسيتان منازل الجزائريين والشخصيات منهم على وجه الخصوص، وصارت اللغة الأجنبية في الإدارة وفي سائر دواليب الدولة حتى أصبح ذو الثقافة الوطنية يشعر بالعزلة وينعت بالأصبع على أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015