فشلت معظم المحاولات رغم أن بعض من قاموا بها كانوا ممن سبقت لهم تجربة الدخول مرات متعددة (?)، فإن القرار الثاني قد تم تطبيقه بسهولة كبيرة، قد يكون ذلك راجعاً لكون الضباط الذين أسندت لهم مهمة الإنجاز ممن أطلق سراحهم حديثاً (?) فأرادوا الدليل على خطأ سجانيهم، ومن، الممكن أيضاً، أن سبب ذلك يعود لكون الحدود الجنوبية غير محصنة بالأسلاك الشائكة المكهربة وبحقول الألغام المحروسة ليلاً ونهاراً بالرادار والطيران.

فبالنظر إلى هذه الظروف وتقديراً للحملة الواسعة التي تقرر الشروع في القيام بها على الحدودين الشرقية والغربية من أجل إعادة لمّ وحدات وفيالق جيش التحرير الوطني التي كانت قد بدأت تتشتت بفعل الأزمات المتتالية التي تعرضنا إليها في الفصلين السابقين ولكي يعود الإنضباط من جديد إلى صفوف المجاهدين قررت قيادة الأركان المتمركزة بغار الدماء على الحدود التونسية وتأجيل الدخول لأرض الوطن إلى وقت لاحق وبالموازات مع هذا القرار شرعت قيادة الأركان في ربط العلاقات الطبيعية مع الولايات كخطوة أساسية في طريق توحيد جيش التحرير الوطني بفرنسا من أجل التخطيط والتنسيق للعمل الفدائي هناك.

كل هذه القرارات والتحركات التي تدل على وجود خطة مدروسة، لم ترضي اللجنة الوزارية لشؤون الحرب، التي خشيت أن يقود ذلك إلى تهميشها، فسارعت إلى الإتصال بمسؤولي الولايات واللإتحادية تحذرهم من التعامل مباشرة مع قيادة الأركان ثم أصدرت إلى هذه الأخيرة، باسم الحكومة، أمرها بالدخول إلى الأراضي الجزائرية قبل نهاية شهر مارس سنة واحدة وستين وتسعمائة وألف.

وعندما أثرت هذا الموضوع مع الرئيس الراحل هواري بومدين (?) أكد لي أن تصرفات اللجنة لم تكن إلا لتحقيق رغبة أعضائها في الإحتفاظ بالسلطة مهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015