وفيما يخص النقطة الثانية، وباستثناء العلاقات مع الخارج، فإن الداخل كان مستقلاً وسيظل كذلك إلى غاية وقف إطلاق النار.
لقد كان اندلاع الثورة ليلة الفاتح نوفمبر سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف تطبيقاً ميدانياً للمبدأ القائل بضرورة استعمال الكفاح المسلح من أجل استرجاع الاستقلال الوطني، لأجل ذلك، فإن جل مناضلي حركة الانتصار للحريات الديمقراطية هللوا للشرارة الأولى قبل أن تبدأ المشادات الكلامية ثم الصراعات الدموية من انتصار الزعيم مصالي ومناضلي الوليد الجديد: جبهة التحرير الوطني (?).
وإذا كانت الفترة الممتدة إلى نهاية شهر أوت سنة ست وخمسين وتسعمائة وألف قد امتازت بممارسة حرب العصابات ضد العدو بالمؤازرات مع التركيز على توعية الجماهير الشعبية وتنظيمها في إطار مواجهة عمليات التمشيط الواسعة التي كانت القوات الاستعمارية تقوم بها من أجل السيطرة على جبال وغابات المناطق الأولى والثانية والثالثة وافتكاكها من جيش التحرير الوطني الذي تمكن خلال وقت قصير جداً من تجنيد جموع غفيرة من الشباب المؤمن بقضية التحرير المستعد للاستشهاد من أجلها، وإذا كان مؤتمر وادي الصومام قد قرر تنشيط العمل الفدائي في المدن والقرى من أجل تعميم حالة الحرب وتخفيف الضغط على المجاهدين في الجبال، فإن المجلس الوطني للثورة الجزائرية في دورته الأولى المنعقدة بالقاهرة، قد ثبت قرار المؤتمرين في وادي الصومام وأيده بقرار آخر يدعو إلى تجاوز حرب العصابات من أجل تحويل كبير من جيش التحرير الوطني مفهوم الولايات من جهة، ولتوفير الظروف الملائمة لإنجاز "ديان بيان فو " جزائرية من جهة ثانية.