جذرياً يعمل جاهداً، على إبقائها لأنها تضمن ديمومة تبعية أغلبية الشعب الجزائري وقبولها السيطرة الاستعمارية باعتبارها الحتمية التي لا مرد لها سوى القدرة الإلهية، فإن العلاقات الإنسانية الجديدة التي أوجدها والمسؤوليات المختلفة التي صاحبته منذ ظهوره ثم راحت تكبر وتتسع وترسخه وتطوره، كل ذلك قد دفع قيادة الثورة إلى أن تدرج مسألة تنظيم القضاء ضمن الأولويات التي تحظى بالعناية الكبرى.

ولأجل ذلك، فإن الثورة التي كانت تهدف، قبل كل شيء، إلى تحرير الإنسان (?) قد عملت، منذ الساعات الأولى، على إنشاء لجان للصلح أو كانت لها مهمة البث في القضايا العالقة بين الناس، وحل المشاكل التي من شأنها أن تعرقل عملية بناء المجتمع الجديد المزمع بناؤه بعد تقويض أركان الاستعمار.

وعلى إثر أشغال مؤتمر وادي الصومام، استبدلت لجان الصلح بلجان العدل التي أصبح من صلاحياتها النظر في كل المنازعات الشخصية والمدنية والجزئية المنشورة بين الأطراف الجزائرية أمام العدالة الاستعمارية التي لم تخف اندهاشها الكبير أمام الإحجام المفاجئ للمتخاصمين (?).

وعلى الرغم من أن وثيقة وادي الصومام قد أهملت التركيز على البعد الإسلامي لثورة نوفمبر، فإن قيادات الولايات قد حرصت كل الحرص على أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي لكل الأحكام التي تصدر باسم الشعب الجزائري. (?)

وعندما كانت لجنة العدل تسند إلى مناضل أمي، فإنه يلجأ إلى المتفقهين في الدين يستشيرهم قبل الفصل في القضايا المنشورة أمامه.

أما عن الاختصاص المحلي، فإن لكل واحدة من هيئات الثورة لجنتها للعدل التي تنظر في قضايا المواطنين التابعين لها. وتتشكل كل لجنة من رئيس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015