وعندما قطعت الثورة نصف عام من حياتها، كتب المارشال جوان (?) إلى رئيس الحكومة الفرنسية السيد ايدكارفونر (?) يحرضه على اتخاذ الإجراءات الصارمة. ومن جملة ماجاء في كتابه: إن الوضع في الجزائر خطير جداً، والمعلومات الأخيرة التي وصلتنا تنبئ بأننا نسير نحو انتفاضة معممة تحت لواء الجهاد، وذلك في سائر عمالة قسنطينة (?).

إن هذا التشكي الصادر عن القادة الفرنسيين، العسكريين منهم والسياسيين، إنما يهدف إلى حمل الحكومة الفرنسية على الاستجابة، بدون مناقشة، لكل الطلبات المتعلقة برفع ميزانية الحرب وعدد المقاتلين، وبسن القوانين الجديدة التي من شأنها أن تساعد على خنق الثورة في مهدها.

ومع مرور الزمن، واتساع النشاط الثوري وافقت الحكومة الفرنسية على تطبيق مبدأ المسؤولية الجماعية وإعطاء التعويض المطلق للقادة العسكريين يفسرون ذلك المبدأ كيفما شاؤوا.

كل هذه التدابير التعسفية كان الهدف من اتخاذها الحد من روح المقاومة لدى الجماهير الشعبية وكذلك تسليط أنواع القمع على المناضلين الوطنيين قصد إبعادهم عن جبهة التحرير الوطني، ولكن النهاية كانت عكسية، اعترف بذلك، بعد استرجاع الاستقلال، كل الذين عالجوا تاريخ ثورة نوفمبر العظيمة.

* مواجهة الصعوبات الأولى:

ولئن كانت جبهة التحرير الوطني قد استفادت في مجال العدد من كل هذه التصرفات الاستعمارية، فإن جيش التحرير الوطني، في الواقع، لم يستفد كثيراً بسبب نقص الأسلحة والذخيرة كما أشرنا إلى ذلك سابقاً، لأجل ذلك، فإن العمليات العسكرية وعمليات التمشيط المكثفة واستعمال العتاد الحربي وآلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015