أما الرقص النسائي نفسه فيتكون من تحريك الجسم حركات رشيقة مع هز البطن والأرداف والتلاعب بالأذرع والتمايل ذات اليمين وذات الشمال، ويرافق كل ذلك ابتسامات ناعمة واهتزاز للشعر وغمزات بالعين، ونحو ذلك، ولا شك أن بعض هذا الرقص يعتمد على الإثارة الجنسية، وهو بالطبع خارج نطاق الأخلاق العامة وتعاليم الدين، وهو الذي رفضه العلماء والمتصوفة، كما لاحظنا. ويبدو أن السلطات كانت تتغاضى عن ذلك في سبيل الترفيه العام. وهناك أنواع أخرى من الرقص لا تنزل إلى ذلك المستوى. ذلك أن لأهل البادية رقصا رجاليا ونسائيا أكثر احتشاما، كما أن لنساء الحضر رقصا ترفيهيا في الحمامات ونحوها، بالإضافة إلى رقص الدراويش وأهل التصوف الذين كانوا يرقصون حتى تعتريهم غيبوبة ووجد. ورغم ما قلناه عن الموسيقى بأنواعها وعن الغناء والرقص فإننا لا نجد أحدا من العلماء خلال العهد المدروس قد تناولها ببحث أو تأليف. ولعل النقد الاجتماعي لمتعاطي هذه الفنون في ذلك العهد هو الذي منع الباحثين من التأليف فيها، رغم أن أجدادهم (1) قد ألفوا فيها ومارسوها وداووا بها المرضى، فالفنون، كالعلوم، عانت في الجزائر خلال العهد العثمانى من الإجحاف والجهل بقيمتها وتاريخها.

العمارة والخط والرسم:

ونفس الشيء يقال عن فن العمارة. فرغم كثرة المباني وجمالها وتنوعها فإن العلماء الجزائريين لم يؤلفوا في هذا الفرع من فروع المعرفة. (1) من أقدم من ألف في الموسيقى من الجزائريين أحمد التيفاشي الذي وضع كتابه (متعة الأسماع في علم الاستماع). وهو من أهل القرن السابع (13 م). ومن أحدث التآليف في الموسيقى الأندلسية بالمغرب العربي أطروحة السيد محمد قطاط التونسي التي نال بها دكتوراه الدور الثالث من السوربون، سنة 1977، وهي في جزئين وقد أرخ فيها للموسيقى الأندلسية منذ ظهورها إلى العصر الحديث، وسنعود للاستفادة منها في الأجزاء اللاحقة إن شاء الله. انظر كذلك مقالة السيد علي الجندوبي في مجلة (المناظر) جوان 1961، 18.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015