وقف أحيانا مع العثمانيين وأحيانا ضدهم، وأكثر ما بقي من الشعر الملحون هو الذي يمجد انتصارات العثمانيين، ومن الجدير بالذكر أن الشعر الملحون قد دخله التحريف، فمن الصعب القول بأن ما بقي منه هو بالضبط ما قاله أصحابه، ثم إن كتابته نفسها تختلف عن إنشاده، فهو شعر قيل لينشد وتتناقله الأفواه لا لكي يسجل على الورق ويدون. ثم إن اختلاف اللهجات يجعل من الصعب فهم قصيدة شعبية قيلت مثلا في وهران من أهل قسنطينة والعكس، ومن ثمة كان الشعر الفصيح أسير وأخلد. ومن جهة أخرى فإن الاهتمام بالشعر الشعبي لا يخدم فكرة الوطنية ولا القومية. فهو في عصرنا يخدم فى الواقع الجهوية والقبلية والإقليمية. ولذلك استغله الاستعمار استغلالا بشعا ضد الفكرة الوطنية في الجزائر وضد الفكرة القومية في الوطن العربي.
فإذا عرفنا هذه المقدمات أمكننا أن نذكر نماذج كنا قد أشرنا إليها من قبل في مناسبات أخرى، ولعل من أقدم القصائد الشعبية الموالية للعثمانيين والتي سجل صاحبها، وهو الأكحل بن خلوف (المشهور الأخضر) المعركة التي دارت بمرسى مستغانم بين المسلمين والإسبان، وهي المعروفة (بوقعة مزغران) والجدير بالذكر أن ابن خلوف، الذي اشتهر أيضا بقصائده الدينية، قد ربط بين جهاد المسلمين في الجزائر وجهادهم في غرناطة، ثم فصل القول
بما جرى بين جيش المسلمين بقيادة حسن باشا وجيش الإسبان بقيادة الكونت دالكادوت، وكان الشاعر متحمسا لأن المسلمين قد انتصروا في هذه المعركة انتصارا باهرا. وقد بدأها بقوله:
يا سايلني عن طراد الروم ... قصة مزغران معلومة (?) وفي أوائل القرن الثاني عشر الهجري أبى أحد الشعراء، وهو محمد بن