العلماء المغاربة الواردين على الجزائر، مثل أحمد الورززي وأحمد الغزال، قد أشادوا به، ولا سيما الأخير. وهذا بدون شك يسبب حسدا بين العلماء، وقد رفع أبو راس من قيمة ابن عمار كثيرا فوصفه بأنه شيخنا (الذي ارتدى بالنزاهة يافعا وكهلا، وكان للتلقيب بشيخ الإسلام أهلا). ومدحه أيضا بتخريج (الأساتيذ من التلاميذ والفقهاء النحارير والعلماء الجماهير). كما مدحه بالنبوغ في علوم الفقه والحديث والسند والأصول والبيان، بالإضافة إلى الزهد والنزاهة، وقد درس عليه أبو راس بعض العلوم، من بينها فقه الإمام أبي حنيفة (?). والجديد في رواية أبي راس عن شيخه ابن عمار أن هذا قد عزفت نفسه عن الإقامة بالجزائر بعد أن تولى فيها بعض الوقت الخطابة والإمامة والفتوى، لذلك رحل إلى الحرمين الشريفين، ورغم أن أبا راس لا يذكر تاريخ ذلك، فالذي لا شك فيه أنه كان يتحدث عن رحلة ابن عمار الثانية للحرمين. أما رحلته الأولى، سنة 1166، فقد كانت قبل توليه تلك الوظائف.
ومهما كان الأمر فابن عمار قد رحل إلى المشرق مرتين على الأقل.
الأولى سنة 1166 والتي جاور أثناءها بالحرمين حوالي اثني عشر سنة كما تذكر بعض المصادر، وبذلك يكون قد رجع إلى الجزائر بعد سنة 1176، فنحن نجده كما عرفنا متوليا خطة الفتوى في الجزائر سنة 1160، وخلال هذه المجاورة أو الرحلة الطويلة كتب ابن عمار رحلته التي سنتحدث عنها، أما رحلته الثانيه فهي التي يتحدث عنها أبو راس ويشير إليها إبراهيم السيالة، وهي على أية حال كانت بعد توليه وظيفة الفتوى وعزله أو انعزاله عنها، فمتى كانت هذه الرحلة الثانية؟ بناء على كل الاحتمالات فإننا نرجح أن تكون بعد 1195، فالسيالة يذكر أن شيخه ابن عمار قد جاءهم إلى تونس في هذا التاريخ بقصد الاستيطان بها، والظاهر أن ابن عمار بعد إقامة قصيرة ودخوله في مناقشات ومناظرات مع علماء تونس وتغيير الظروف السياسية (?) قد تابع