بمقدمة هامة عن حالة الأدب في عصره، وعن دافعه إلى شرح المقامات، كما ذكر من سبقوه إلى شرحها. والواقع أن عمله الذي اطلعنا عليه عبارة عن خزانة أدب أظهر فيه براعته في المحفوظات وذكر العجائب والغرائب واللطائف والنوادر والأشعار والحكايات من تاريخ الأدب العربي، ولا سيما القديم والوسيط منه، وقلما تعرض أبو راس لأهل عصره فيه، وهذه بعض عباراته (الحمد لله الذي أعلى مقامات أهل الفصاحة، وأضاء بهم كل فناء للكلام العربي وساحة، حتى سما على غيره وامتاز، بلطائف الآداب واللغا وأفرغوا معانيها في قالب الإيجاز، وشيدوا مبانيها بدلائل الإعجاز، نظما ونثرا باهر الصدور والأعجاز، وأتحفوها بطرف الكناية والمجاز (?)).
كما نذكر لأبي راس شرح قصيدة الصيد المسماة (روضة السلوان)، فقد وجدناه أيضا محشوا أدبا وظرفا وأخبارا، وقد سمي شرحه هذا (الشقائق النعمانية في شرح الروضة السلوانية) (?)، وبدأه بهذه الفاتحة (الحمد لله الذي أحل لهذه الأمة ما صادوا ..) وترجم فيه للشاعر الفجيجي وذكر شيوخه، ثم قال: (هذا، وإني عزمت أن أجعل عليها (أي القصيدة) شرحا .. مع ما أنا فيه من أهوال فاغرة، وأرضنا من شروحها شاغرة، وسميته بالشقائق النعمانية، الخ) وكان أبو راس يسير في هذا الشرح على نفس النمط الذي سار عليه في شروحه الأخرى فيذكر اللطائف والغرائب والفوائد والتنبيهات، واعتذر في آخر الكتاب على أنه قد يكون فاتته معاني بعض الكلمات لغموضها وغرابتها (?).