الباب هو أن الثعالبي قد عدد فيه، بعد أن ذكر كثيرا من كلام ابن شاس وغيره، ومناقب الإمام مالك ومناقب أصحابه، ثم تخلص إلى بعض شيوخه (الثعالبي). وبعد ذلك أخذ في تقييد (جمل وجواهر ونفائس) اختارها من كتب كثيرة طالعها. ذلك أنه كان كلما قرأ كتابا نفيسا سجل ما انتقى منه وتحرى في ذلك فاجتمعت له (جملة صالحة في أنوا وفنون من العلوم الكثيرة) وجعل أبواب وفصول الكتاب (روضات وبساتين هي غنيمة للعارفين) وقد عدد فيه كثيرا من كرامات أصحاب الإمام مالك ونماذج من الأذكار والأدعية. وبذلك يتضح أن إطار الكتاب تراجم ومناقب وتواريخ ولكن لا تخرج عما يسميه الثعالبي (بغنيمة ذوي الألباب) وهي التزود للآخرة والعمل بالزهد والتصوف واتباع جملة من الأدعية والأذكار (?).
5 - ولكن المؤرخ الذي فرض اسمه على تراث القرن التاسع هو محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي. وشهرة التنسي تعود إلى موضوعه أكثر مما تعود إلى عمله وطريقته. وموضوعه هو التاريخ لبني زيان الذين تداولوا الحكم على تلمسان وأرسوا بها قواعد دولة تركت كثيرا من المآثر. وقد أطلق التنسي على كتابه اسم (نظم الدر والعقيان في شرف بني زيان وذكر ملوكهم الأعيان ومن ملك من أسلافهم فيما مضى من الزمان) وتوجد منه نسخ كثيرة وخصوصا في الجزائر والمغرب وتونس وباريس وفيينا. ولأهمية موضوعه تناوله عدد من الباحثين بالترجمة والتعريف والنشر والتحقيق، ومن الذين ترجموا أو عرفوا بصاحبه برجيس (?) وليفي بروفنصال (?) وشيربونو (?)