ولعل أحمد بن يوسف الملياني هو أكبر شخصية صوفية خصها المؤلفون بالتقاييد والتآليف والأشعار. فأنت لا تكاد تجد عملا في التصوف لا يشير إلى ترجمة الملياني وحياته الروحية. وقبل أن نورد ذلك نذكر أن من بين مؤلفات الملياني نفسه في التصوف (رسالة في الرقص والتصفيق والذكر في الأسواق) (?)، وقد سبق أن عرفنا أن للملياني بعض التآليف الأخرى في التصوف. وإذا كان الملالي من أوائل من عرف بالسنوسي فإن محمد الصباغ القلعي كان من أوائل من عرف بالملياني، حتى أصبح كتابه عنه مصدر كل الدراسات عن أحمد بن يوسف وعن الحياة الصوفية عموما في الجزائر خلال القرن العاشر، ونعني به (بستان الأزهار في مناقب زمزم الأبرار، ومعدن الأنوار، سيدي أحمد بن يوسف الراشدي النسبة والدار). وحياة الصباغ تكاد تكون مجهولة، فهو محمد بن محمد بن أحمد بن علي الصباغ القلعي (نسبة إلى قلعة هوارة) القريبة من تلمسان. فهو إذن من بلد الملياني. وقد ولد الصباغ حوالي سنة 923. فقد ذكر أنه كان ما يزال رضيعا لم تنبت أسنانه عندما انهزم الأتراك أمام جيش أبي حمو الذي كان يسانده الإسبان، وذلك سنة 924 (?)، وكان والد الصباغ، المعروف بابن معزة (بتشديد الزاي)، من أتباع أحمد بن يوسف، وكان يدافع عن شيخه ويلازمه ويغسل ثيابه ويعتقد فيه. وقد مات في المعركة التي سقطت فيها القلعة، ومات فيها إسحاق أخو خير الدين بربروس سنة 924. وكان ابن معزة أيضا من المشتغلين بالعلم والشعر، وكان دفاعه عن شيخه ضد خصومه بالشعر. أما محمد الصباغ القلعي فنعرف أنه تولى بعض الوظائف، ومنها قضاء القلعة، وهي وظيفة