الرابع فهو إجازته لولده أحمد الزروق ومحمد بن علي الجعفري مفتي قسنطينة (?). وقد اطلعنا نحن على هذه الإجازة وأخذنا منها. ولذلك نود أن نتوقف قليلا عندها.
فقد كتب أحمد البوني هذه الإجازة في أخريات أيامه. وبعد أن عرف علم الحديث قال إنه أخذه عن والده، محمد ساسي، ويحيى الشاوي وأحمد العيدلي الزواوي الملقب بالصديق، وأبي القاسم بن مالك اليراثني الزواوي أيضا، وهؤلاء جميعا من الجزائريين، كما ذكر غيرهم من التونسيين والمصريين والمغاربة. وقد بلغ الجميع ثلاثة عشر شيخا، واكتفى البوني بذلك منهم (خوف الإطالة) ثم ذكر كتب الحديث التي أخذها عن هؤلاء، وفصل القول فيها. وعدد أيضا بعض تآليفه، ثم أحال القارئ على كتابه (التعريف). والإجازة التي اطلعنا عليها مكتوبة سنة 1140 أي بعد وفاته مباشرة (?) وقد قال الكتاني ان النسخة التي اطلع عليها منها تقع في نحو أربع كراريس (اشتملت على فوائد وغرائب عدد فيها شيوخه وأسانيد الستة وبعض المصنفات المتداولة في العلوم أتمها سنة 1136) (?).
وهكذا يتبين أن أسرة البوني قد جمعت بين العلم والصلاح وسيطرت روحيا على عنابة ونواحيها مدة طويلة بلغت القرنين تقريبا. ومن أبرز أعضائها محمد ساسي وأحمد ساسي وأحمد الزروق. ولكن أكثرهم شهرة وتأليفا وعناية بالحديث هو أحمد البوني. كما أن أسرة البوني كانت على علاقة طيبة مع العثمانيين حفاظا على المصلحة المشتركة التي تعرضنا لها في فصل آخر. وقد ساهمت هذه الأسرة وغيرها من الأسر العلمية الجزائرية في