وإلى بعض الوثائق التي قد تكون قد بقيت في حوزة بعض المناضلين (?).
كان تنظيم القضاء خاضعا لسلم الجبهة في الإيديولوجية والمستوى والممارسة، فقد كان خاضعا للوصايا العشر التي يعتمد عليها جيش التحرير، وذلك يعني حل الجزائريين مشاكلهم بأنفسهم، وعليهم مقاطعة المؤسسات الاستعمارية وعلى رأسها مؤمة القضاء، وقد أنشأ مؤتمر الصومام المجالس الشعبية لتحل النوازل القضائية، وكانت الثورة دائما خاضعة لمبدأ العمل الجماعي، وكان الإخلاص والنفاد من سمات هذه الإيديولوجية، كما أن تطبيق العدالة يجب أن يكون على كل المستويات دون استثناء طبقا للتفصيل التنظيمي الإداري وطبقا للسلم الذي وضعته الجبهة، كما أن إسناد القضاء إلى ذوي الكفاءة والقدرة كان من سمات هذا العهد، أما مصدر هذا القضاء فهو الشريعة الإسلامية ومصلحة الثورة (?).
حددت الجبهة أنواع العقوبات على الجرائم التي يعاقب عليها القانون، وهي عقوبات متدرجة حسب الجرم، فالأخطاء إما بسيطة وإما خطيرة وإما خطيرة فادحة، ومن الأخطاء البسيطة: عدم دفع الاشتراك، وعدم الاستجابة لدعوة جبهة وجيش التحرير، وقطع الأشجار بدون رخصة، وعدم إبلاغ الجبهة والجيش عن الزواج والميلاد والوفاة، والاستماع إلى صوت البلاد (الإذاعة الفرنسية الموجهة) والتدخين، إلخ، ومن الأخطاء الكبيرة أو الخطيرة: محاولة القتل، وإشعال النيران، والكذب، وتقديم شهادة مزورة، ورفض تقديم المساعدة، والتنقل بدون إذن مسبق من الجبهة أو الجيش، والتغيب عن الاجتماع، والسرقة، والاغتصاب، والزنى، واللواط، والسكر، إلخ، أما الأخطاء الفادحة فمنها الخيانة، وإقامة علاقة مع العدو، والتمرد والعصيان.