الفاسي بإبطال دعوى اليهود (?). وفي النصف الثاني من القرن الثاني عشر أفتى الشيخ محمد الحنفي الجزائري بجواز حرق اليهود والنصارى (?) إذا أساؤوا إلى الإسلام. وقد أخبر ابن حمادوش أن أحد اليهود قد تسبب في فرار باي الغرب، وهو ابن المسراتي، إلى الإسبان بوهران بسبب دراهم طالبه بها الباي فأرسل إليه اليهودي من مدينة الجزائر أن فر بنفسك لأن الباشا غاضب عليك (?).
وكان نزاع العلماء حول قضية من القضايا وتدخل السلطة في الموضوع كثيرا ما كان يؤدي إلى انقسامهم إلى موالين ومعارضين. ولكن الموالاة والمعارضة لا تكون صريحة بل مختفية وراء الموقف الذي يسانده العلماء باسم الدين. وكان الباشوات والبايات يلجأون لتحطيم المعارضة إلى عقد مجلس الشورى وإجراء المناظرة بين الفريقين المتنازعين، ثم يختارون هم بعد ذلك الرأي الذي يناسبهم إذا كان حكم المجلس غير إجماعي، ولذلك تعددت المناظرات بين العلماء، ولكن أغلبها كان في مسائل تافهة. فلا مناظرة حول قضايا الحكم مثلا، ولا حول حكم الشرع في الحرب أو السلم، ولا حول دور الدين في تسيير الدولة ومشاركة الشعب وصرف الميزانية ونحو ذلك، بل كل المناظرات تقريبا كانت حول الأحوال الشخصية، أو حول زندقة فلان واستقامته، ونحو ذلك، فكأن المناظرة في حد ذاتها (ملهاة) يلهو بها العلماء ويحضرها الكاهية (أو عون الباشا) وأحيانا الباشا نفسه.