والحسين الورتلاني وأبي راس ومحمد الزجاي، وبعضهم يظل في مهجره.
وقد زاد من المخاطر التي كان العلماء يتعرضون إليها، بالإضافة إلى ما ذكرناه، كثرة الأوبئة والنكبات الطبيعية. وإذا كانت هذه النكبات تترك آثارها على كل الناس وتصيب كل المجتمع فإنها بدون ريب كانت تترك آثارا أخطر على فئة العلماء، لأن (الكرام قليل) وعدد المثقفين كان قليلا حقا. وتتحدث كتب التراجم عن العلماء الذين أودى بحياتهم الطاعون. فصاحب (البستان) يذكر الطاعون الذي حدث سنة 981 ووفيات العلماء الذين كانوا ضحية له، أمثال محمد أبو السادات، ومحمد الجابري، ومحمد بن موسى الوجديجي. ويذكر الفكون أيضا الطاعون الذي حدث سنة 982 وسنة 1031 ويذكر ضحاياهما من العلماء أمثال شيخه محمد التواتي وأحمد بن ثلجون وبركات المسبح وعبد اللطيف بن عبد الكريم بن سعيد. وهناك مصادر أخرى تتحدث عن أثر الوباء على العلماء مثل رسالة (أنيس الغريب والمسافر) لمسلم بن عبد القادر. فإذا أضيف ذلك إلى عوامل السجن والنفي والإعدام والإبعاد عن الوظائف السياسية ونحوها أدركنا الجو الذي كان يعيش فيه علماء الجزائر في العهد العثماني وأدركنا بالضرورة أنه لم يكن جوا يساعد على الاستقرار والإنتاج الثقافي.
من الصعب تحديد عدد العلماء المسلمين الذين وردوا على الجزائر خلال العهد العثماني وبيان وظائفهم وذكر بلدانهم ونوع ثقافتهم وأهدافهم. فالعالم الإسلامي كان وطنا واحدا يتنقل فيه العالم من طرفه إلى طرفه الآخر دون أن يسأله أحد أين هو ذاهب. وكان العلماء من حيث المبدأ لا وطن لهم، فهم حيث مصالحهم الخاصة والعامة. ومع ذلك فقد وجدت ظروف ساعدت على هجرة العلماء من بلد إلى آخر. وقد عرفنا منها الظروف السياسية والاقتصادية وطلب العلم.