ولا تخلو القصيدة من الحديث عن النصارى والامبراطور نابليون، وعن النقود. وفيها سخرية لاذعة بأصحاب اللحى البيضاء الذاهبين للتفرج على باريس قائلا- لا أرجعهم الله! - وهكذا نجد مجموعة من التناقضات: الصلاة والتدخين، والدين والموسيقى، والمأساة في الجزائر والملهاة في باريس، وأهل التقوى والأشرار. وعرف الشاعر بنفسه فقال بأنه قدور المعروف لدى الناس بأنه مسفر الكتب والمنسوب لسيدي بوقدور (?) وأنه لابس قشبية، وأعلن أنه لو لم يكن أحدب الظهر لما نافسه أحد. واستهزأ بالفرقة قائلا: إن الناس أخبروه أنه إذا رجعت الفرقة من باريس فإنها سترسله إلى الآخرة، ربما لأنه استهزأ بأعضائها ونال منهم، فاجابهم بأنه سيدافع عن نفسه، وإذا عجز فإنه سيشتكي إلى الشرطة (الفرنسية؟). وهكذا يكون الشاعر الذي عاش إلى 1898 قد سجل نموذجا. لحياة الجزائريين في آخر عهد نابليون الثالث، وكشف عن تناقضات اجتماعية وسياسية عديدة. ولو جمع شعره الاجتماعي الساخر لكان ثروة هامة (?).
وقد عالج شاعر آخر خلال نفس الفترة تقريبا حالة الجزائريين البائسة في قصيدة طويلة خاطب فيها لجنة التحقيق الفرنسية (لجنة السنا Sصلى الله عليه وسلمNصلى الله عليه وسلمT) أو مجلس الشيوخ، وهي قصيدة تلخص الحالة خلال عشرين سنة (1870 - 1891) كما قال الشاعر. وعالج فيها أمور القضاء والألقاب (الحالة المدنية) والشريعة الإسلامية. وهي الموضوعات التي كانت تشكل مصدر الشكوى للجزائريين عندئذ. فقد استمر الفرنسيون في محاولات دمج الجزائر دون اعتبار لتقاليدها وأرضها وقوانينها وأفكارها. وبعد صدور قوانين