وكان ابن الموهوب معاصرا لهما أيضا، ولكنه كان أضعفهما شاعرية، وإن كانت روح الإصلاح عنده قوية. وكان ابن الموهوب موظفا رسميا، وهما أكثر منه حرية. وكان ابن قدور، على ما نعلم، يكسب من العمل في جريدة الأخبار حين تولى بها القسم العربي الجديد، ولكنه غير معين من قبل إدارة الشؤون الأهلية مثل ابن الموهوب الذي كان مدرسا في مدرسة قسنطينة الرسمية، ثم تولى منذ 1908 وظيفة الفتوى (?). فكان شعره إصلاحيا وتعليميا. ولذلك لا نستغرب أن يقوم شيخه المجاوي بشرح قصيدته التي تشبه في ثورتها الاجتماعية قصائد الزريبي. وقد آمن ابن الموهوب أيضا بالعلم والتقدم سبيلا لنهضة قومه. ولكن مجال القول كان محدودا في ذلك قبل عهد شارل جونار، فظل على صمته أو لم ينشر مشاعره على الناس، رغم أنه كان مدرسا في قسنطينة منذ حوالي 1898. ومع انطلاقة الدعوة إلى التعلم على عهد جونار انطلق ان الموهوب أيضا، فنظم الشعر في إصلاح المجتمع، ونظم الأناشيد للتلاميذ ليتغنوا بها وألقى محاضرات في نادي صالح باي حول نفس الموضوعات. وهكذا يكون ابن الموهوب قد استغل الفرصة المتمثلة في (التسامح) الفرنسي حول التعليم وناشد الجزائريين التخلي عن الكسل، ونبذ الخمور والفساد والربا والحسد والبدع، والدخول إلى معترك الحياة إلى جانب الفرنسيين لمناكبتهم ومزاحمتهم، وهي دعوة شبيهة بدعوة الشيخ محمد عبده سنة 1903 حين زار الجزائر وطلب من أهلها أن ينافسوا الفرنسيين في العلم والعمل كتفا بكتف وذراعا بذراع.

وقصيدة (المنصفة) لابن الموهوب قصيدة قوية الروح ولكنها ضعيفة الشعر. وهدفها، كما قلنا، تعليمي. وقد صاغها على قالب قصيدة عمرو بن كلثوم. وهي في نحو خمسين بيتار (?). فشكا ابن الموهوب أولا من تقلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015