قراءاته على شيخه الأنصاري في فهرسه (?).

ويبدو أن الأنصاري كان على صلة وثيقة بيوسف باشا، والصلة بالحكام فيها مغامرة للعلماء إذا كان الحكم مستقرا، فما بالك إذا كان متقلبا، مثل الحكم في الجزائر، عندئذ، ولقد قيل عن يوسف باشا انه كان صديقا للعلماء يحترمهم ويقربهم إليه ويفهم مقاصدهم رغم أنه تركي، حسب تعبير العياشي. وقد وجدنا له مراسلات مع عالم عنابة في وقته، وهو محمد ساسي البوني (?). ولم تكن الصلة بين الباشا والأنصاري (والعلماء عموما) صلة حب وتقدير ولكنها كانت صلة منفعة ومصالح. فالباشا كان في حاجة إلى تأييد العلماء والأنصاري الذي كان غريبا عن البلاد، كان أيضا في حاجة إلى قوة تحميه، ولا يمكن أن نفهم العلاقة بين الرجلين على أنها (فهم لمقاصد العلماء) من جانب الباشا وإعجاب من جانب الأنصاري، كما فهم من ذلك العياشي، فالمسألة أبعد من ذلك. ومهما كان الأمر فإن عهد يوسف باشا لم يطل شأن حكام العهد العثماني، فقد انقلب عليه خصومه فذهب هائما على وجهه وإلى جانبه محظي الأنصارى وتلميذه، عيسى الثعالبي، وكانت صلة الأنصاري بالباشا هي التي جعلت الثعالبي يصبح (من جملة خواص) الباشا أيضا (?). ولا نعرف الآن بالضبط من الأنصاري عند وفاته سنة 1057، ويظهر لنا من كثرة امداح الشعراء له أثناء حياته ورثائهم له بعد وفاته أنه كان بالفعل يتمتع بحظوة كبيرة لدى الباشوات والطلبة وأنه كان صاحب جاه ونفوذ، فقد اعتاد الشعراء ألا يمدحوا إلا من كان كذلك، كما يظهر لنا أنه لم يتول وظائف أخرى في الجزائر غير وظيفة التدريس. وعلى كل حال فإننا إذا حكمنا من رأى تلاميذه فيه وأقوال بعض المعاصرين له نجده قد ساهم مساهمة كبيرة في دفع حركة التعليم عندئذ، وهذا ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015