ولا شك أن هناك خطباء آخرين مستقلين أو مرابطين كانوا يجيدون الخطبة بقطع النظر عن الموضوعات السياسية والثورات. لأن هؤلاء عادة كانوا يتطوعون عندما يحسون في أنفسهم القدرة على هذه المهمة وهي الخطابة الارتجالية ذات الموضوعات الحية واللغة السليمة. كما أن إقبال الناس عليهم كان متوقفا على إجادتهم فن القول والإقناع.

والنوع الأخير من الخطب هو ذلك الذي كان يلقى في مناسبات تعليمية أو تأبينية. والمقصود بالتعليمية تلك التي تكون في الاحتفالات بافتتاح المدارس أو بتوزيع الجوائز على التلاميذ. وقد حدث ذلك أثناء الاحتفالات التي كان يحضرها المديرون وبعض الوزراء، وكان بعض الجزائريين يتكلمون فيها ترغيبا في العلم وإشادة بجهود فرنسا. ومن نماذج ذلك ما خطب به حسن بريهمات عندما كان متوليا إدارة المدرسة السلطانية - الرسمية - بالعاصمة، وفي عدة مناسبات أخرى.

من ذلك الحفلة التي أقيمت في قسنطينة في يوليو 1869 لتوزيع الجوائز على تلاميذ المدرسة السلطانية - في عامها الثاني عندئذ - ومن التلاميذ المجازين: عبد الكريم بن باديس الذي تفوق في الترجمة، وحسن بن محمد العنابي (?) في الأدب، وحميدة بن عمر في الرياضيات. بينما الخطابة الرئيسية تولاها الحاج أحمد المبارك صاحب تاريخ حاضرة قسنطينة، وكان المبارك هو أحد المدرسين بالمدرسة، وكان مفتيا أيضا ومن أعيان المتصوفة. وكانت خطبته مسجعة على هذا النحو: (الحمد لله الذي شرف من هداه بالعلم لحسن العمل، وزينه بالآداب المنيلة لغايات الأمل ...) وقد دعا فيها بطول العمر لنابليون الثالث وسماه في الخطبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015