صادقا في تعابيره، حاضر البديهة، كثير الاستشهاد بالشواهد، ومع ذلك كان محافظا على توازن القول فلا يميل إلى الهجوم ولا يغالي في التقريع. فكان اعتداله من خصائص شخصيته ومن أسرار نجاحه وتأثيره. وربما على النقيض منه الطيب العقبي الذي بدأ الخطابة في مساجد بسكرة ثم في نادي الترقي بالعاصمة حوالي عشر سنوات قبل أن تحل به أزمة 1936 الشهيرة والتي أدت إلى اعتقاله وسجنه (وترويضه). وكان العقبي قبل هذه الحادثة مندفعا كالتيار، اعتبره معاصروه من أخطب الخطباء ارتجالا ومن أفصحهم لسانا وأكثرهم تأثيرا على جمهوره. وربما يرجع ذلك إلى مزاجه الحاد وبيئته الصحراوية وتعليمه في الحجاز قبل رجوعه إلى الجزائر. هاجم العقبي الطرق الصوفية الضالعة في ركاب الإدارة الاستعمارية ومن خلالها مس الإدارة نفسها والأجهزة الفاعلة فيها. فلم يغفروا له اجتيازه الخطوط الحمراء.

أما خطابة الإبراهيمي فتميزت بالطابع الأدبي والبلاغي واستحضار المحفوظات والشواهد، وكان مؤثرا في الخاصة أكثر من العامة. وهو يجيد النكتة السريعة واللمحة الدالة. وقد ألقى الإبراهيمي الخطب الكثيرة في الجزائر، عند افتتاح مدرسة دار الحديث واجتماعات جمعية العلماء، وفي حفلات الزوار الأعيان، وافتتاح المدارس الحرة. ومن أشهر خطبه تلك التي ألقاها في باريس فاتح سنة 1952، وهو في طريقه إلى المشرق، وكانت أثناء الحفل الذي حضرته الوفود العربية. وفي المشرق اشتهر الإبراهيمي بالخطب المرتجلة في جمعية الشباب المسلمين وأثناء زياراته للأزهر ودار العلوم بمصر، وزياراته أيضا للأقطار العربية. وقد غطت البصائر كثيرا. من هذا النشاط قبل أن تتوقف عن الصدور سنة 1956 (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015