ومن رسائله ما كاتب به خير الدين باشا التونسي عند ظهور (أقوم المسالك) سنة 1867. وبعد إشادته بالكتاب وبجهود صاحبه كتب الأمير هذه العبارات الطريفة (فلله درك ودر ما به ألمعت، وما قربت من فنون المعارف وبعدت، ثم إنك حميت ضمار الشرع المحمدي وعضدته، وقطعت عنه ضرر الملحدين وخضدته، وذلك بما قررتموه من أن الشريعة المطهرة لائقة بكل زمان، صالحة للحكم في كل أوان ... وقد اطلعنا على (أقوم المسالك) فرأينا فيه ما بهر العقول، وأدى الأفكار إلى الذهول، من قضايا المعقول والمنقول، فاتفقت القلوب على تفضيله، واختلفت الألسنة في تمثيله. أما نحن فقد تركنا التشبيه، وقلنا ما له في فنه مثيل ولا شبيه ... كتاب تنفس الدهر به تنفس الروض في الأسحار ... كتاب يزرى بتاج تراجم الأعيان، وكأنه مرآة انعكست فيه رسوم أخبار الملوك وأفاضل الزمان، فاتخذته مرتع ناظري، ومنتعش خاطري ... ولا يخفى أنه لا بد لكل عصر من رجال يقومون بأعبائه، ويهيمون في أودية أنبيائه) وهناك مراسلات ومهاداة أخرى بين الرجلين يضيق المقام عن ذكرها (?).
ومن أشهر رسائل الأمير ما كتب به إلى نابليون (الثالث) على إثر إطلاق سراحه من سجن أمبواز، وهي الرسالة التي قيل إن الأمير قد تعهد فيها بعدم حمل السلاح في وجه فرنسا. وتهمنا نحن هنا صيغتها الأدبية وليس السياسية. فقد صاغها الأمير عن عاطفة أكيدة متأثرا بالحرية التي تعهد له بها ممثل فرنسا في الجزائر، ولكنه خان العهد. فكان الأمير مغتبطا بالحرية، شاكرا لنابليون صنيعه معه، ذاكرا أن الحرب بدأها بإرادة الله وأوقفها أيضا