إن هذه الدراسات البربرية والبحث في لهجات البربر عبر مساحة شاسعة في منطقة المغرب العربي قد امتدت أيضا إلى المناطق الصحراوية والجنوبية، كما ألمحنا. وقد بدأ ذلك في وقت مبكر أيضا. فكتابات كاريت في الأربعينات من القرن الماضي عن التجارة الصحراوية وعن طرق القوافل قد مهدت لذلك. كما مهد لذلك تقرير جيسلان Geslin الذي استقر في الأغواط منذ أوائل الخمسينات واتخذ منها نقطة اهتمام بالجنوب. وقد ذكرنا أنه كتب خمسة عشر كراسا عن اللهجات مع النصوص وقدمها إلى الحاكم العام (راندون) الذي قدمها بدوره إلى جمعية المستشرقين في باريس. وقد تولى المستشرق رينو Rienaud قراءة تقرير عنها في أكاديمية الفنون والآداب 14 و 19 مارس 1856 وكانت اللجنة التي استمعت إلى التقرير مؤلفة من أعيان الاستشراق الفرنسي، ومنهم جومار ودي سولسي، وكوسان. لقد جمع جيسلان معلوماته من أفواه العلماء والرحالة الذين كانوا بالأغواط أو كانوا يترددون عليها. ووصل اهتمامه إلى جنوب الصحراء وإفريقية الوسطى (?).
ثم توالت الرحلات والاهتمامات باللهجات البربرية وحالة سكان الصحراء والجنوب. فكانت رحلة إسماعيل بوضربة إلى غات سنة 1858 (?) ثم رحلة هنري دوفيرييه إلى غات وغدامس سنوات 1859 - 1861. وقد ترك لنا الأخير معلومات هامة عن لهجات الناحية والأبجدية المستعملة. ومن أفواه سكان الناحية وعلمائها نعلم أن اللهجة كانت تسمى التماشك (التمشق) أو التماهق، حسب الأمكنة. وأن العرب قد أطلقوا عليها اللهجة التارقية،