الرافض لإدخال الفرنسية في المدارس القرآنية سببا في عزله من وظيفه ونفيه إلى فرنسا ثم الإسكندرية (?). ويقول ديبارمي إن الأهالي سرعان ما شعروا بالخطة الفرنسية وخطورتها على اللغة العربية، لأنها خطة تقتضي إماتة هذه اللغة ودراساتها كلغة ميتة، فوقف الجزائريون ضد هذه الخطة من البداية. فقد علموا أن الأساتذة الذين عينهم الفرنسيون منذ جوني فرعون، كانوا يسمون أساتذة اللغة العربية الدارجة، وأن هذه الدارجة لا تكتب، وأنها لهجة شفوية ينشدها المداحون في الاحتفالات والأعراس وليالي الطرب. وكان ديبارمي ضد استعمال الفصحى لأنها لغة القرآن - لغة مقدسة حسب تعبيره - ولأنها تفصل الجزائريين عن الفرنسيين، وتجعل هؤلاء لا يعرفون (أسرار المسلمين) لأن هذه الأسرار لا تكون بالدارجة (?).

ويقول المستشرق فيليب مارسيه سنة 1956 إن المتعلمين بالعربية في الجزائر قليلون جدا، وهم، حسب تقديره، لا يتجاوزون عشرة آلاف. وليس لهم معرفة بالنصوص الصعبة. ولكنه لاحظ أنهم سواء كانوا متعلمين أو نصف متعلمين أو مبتدئين فإن لهم رغبة مشتركة ومخلصة وأحيانا حادة، في معرفة أعمق للعربية والحصول من الفصحى على نصيب أوفر يستطيع أن يدغدغ عواطفهم ويشرف هيبتهم كمسلمين (?). إن هذا الشعور الصادق لدى الجزائريين في ضرورة تعلم لغتهم والالتصاق بها والمحافظة عليها كان واضحا في مختلف المطالب والعرائض الفردية والجماعية، والحزبية التي صدرت عبر مراحل الاحتلال. ولنشر إلى مقالات احمد بن بريهمات في الثمانينات، وعرائض أهل قسنطينة في نفس الفترة، وكتابات محمد بن رحال في نهاية التسعينات، وعريضة رؤساء عدة بلديات من نواحي قسنطينة، وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015