والمستشرقين، وكلها كانت تحث على تعلم اللغة العربية كوسيلة لفهم الجزائريين ونشر الثقافة الفرنسية. وقد أضيف إليها منذ آخر القرن الماضي مبرر آخر وهو بناء الروابط التجارية والسياسية مع البلاد العربية والإسلامية. ولكن هذه الآراء لم تكن آراء كل الفرنسيين في القرن الماضي، فقد انتصرت عندئذ السلطة في فرض اللغة الفرنسية وأصبح المغلوبون هم الذين عليهم أن يتعلموا لغة الغزاة، حسب تعبير بعض الكتاب. والغريب أنه بقدر ما كان الفرنسيون مؤمنين بضرورة تعلم العربية لأنفسهم كانوا يمنعون الجزائريين من تعلمها، رغم أنها لغتهم القومية والوطنية والدينية.

ومنذ التسعينات انطلقت الدراسات الاستشراقية للهجات العربية في الجزائر. ويعترف رينيه باصيه الذي كان مديرا لمدرسة الآداب بالجزائر سنوات طويلة، أن هذا الاهتمام بدأ حوالي 1890. ونتيجة لذلك أخذ كل مستشرق يدرس لهجة أو أكثر في المدن والأرياف، فكان يذهب لزيارة المكان ويتصل بأهله، وربما يستعين بتلاميذه الجزائريين في الناحية، ويأخذ في جمع المادة والمقارنة ثم يكتب دراسة أو كتابا لنشره مسلسلا في المجلات ثم في المطابع. وهذا لا يعني أن دراسة اللهجات العربية لم تبدأ إلا سنة 1890، ولكنه يعني أن الخطة قد وضعت عندئذ لتطوير الدراسات وتوسيعها للوصول إلى غرض اجتماعي وسياسي وهو حصر اللهجات ومعرفة الأصول اللغوية والعرقية للسكان ومدى تأثير لهجة ما على ما جاورها، وكيف تنقلت القبائل عبر العصور واستوطنت جهات عديدة، رغم أنها قد تكون من أصل واحد.

وفي هذا النطاق صدرت دراسات عن اللهجات الآتية - لاحظ أنها غير خاصة بالجزائر: دراسة عن أشراف سيق، ووهران، وأولاد إبراهيم بسعيدة، وتلمسان، والجزائر، وقسنطينة، ثم لهجة طنجة، ولهجة الحسنية بموريطانيا، ولهجة الجبالة. وأنت لا تكاد تفتح كتابا أو مجلة عندئذ إلا ستجد فيه دراسة عن لهجة كذا، ولهجة كذا .... le parlé arabe de. وقد اختص بعض المستشرقين بلهجة أو ناحية أو ظاهرة أدبية، مثل اهتمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015