أطوارا. كما أنه كان محدود المجال ومقصورا على الفئات المذكورة تقريبا، إلى أن ظهرت فئة الأدباء الأحرار والمعلمين الأحرار، كما ظهرت حركة التأليف ونشر المخطوطات والتأثر بالثقافة العربية الحديثة القادمة من المشرق في عهد النهضة الأدبية منذ أول هذا القرن.

إن هذا التطور الذي حدث في أساليب الكتابة يرجع في الواقع إلى عدة عوامل منها: إنشاء المدارس الرسمية الثلاث، وهي التي سميناها المدارس العربية - الفرنسية الشرعية (?)، وقد بدأت تحت رقابة محدودة سنة 1850، ثم مرت إلى رقابة كاملة منذ 1876، وتفرنست إدارتها وبرنامجها منذئذ. وكانت أساسا مدارس لتخريج رجال الدين والقضاء في ظل الثقافة الفرنسية. وقد أخرجت فعلا بعض العناصر الجيدة أمثال ابن الموهوب وشعب بن علي ومحمد بن شنب ومالك بن نبي. غير أن هؤلاء كانوا أصحاب مواهب متميزة. وكان من أساتذتها عبد القادر المجاوي ولكنه لم يتخرج منها، فقد تخرج من القرويين في المغرب، كما تخرج محمد الزقاي من الأزهر، وهو شيخ آخر من شيوخ هذه المدارس؛ ومن العوامل أيضا إنشاء المعهد النابليوني سنة 1857، فقد درس فيه أمثال حسن بن بريهمات. وهو أديب بارع بمقياس المدرسة العربية - الفرنسية. ومنها رجوع عدد من الجزائريين الذين درسوا في المشرق أو المغرب إلى بلادهم رغم القيود الكثيرة التي كانت مسلطة عليهم.

ولذلك يمكن القول إن ثقافة المشرق قد أثرت في الجزائر رغم سيطرة المدرسة الفرنسية. ولدينا عدد ممن درسوا في الأزهر والقرويين وزوايا تونس. ومنهم محمد الزقاي الذي سبق ذكره والذي تولى إدارة مدرسة تلمسان، وكان من كتاب الصحافة أيضا. ثم عاشور الخنقي الذي درس في زاوية نفطة وبعد ذلك انتصب للتدريس في قسنطينة خلال السبعينات، ثم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015