أن يظهر التعاون مع الفرنسيين ولا سيما أثناء معركة ايشريضن. وأكبر اختبار واجهه كان سنة 1871 أثناء ثورة المقراني والحداد. ورغم مناوراته، فإن ابن علي الشريف واجه المحاكمة وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بعدها. وكان الفرنسيون بصفة عامة لا يريدون معاقبته بشدة، وكان له منهم خصوم وأنصار، وهذا ما خفف عنه الحكم بعض الشيء قياسا على ما وقع للزعماء الآخرين (?).

هذا المتعاون الإداري، والمرابط السياسي هو الذي كان عليه أن يذهب في وفد إلى فرنسا سنة 1852 ويشاهد لأول مرة المدنية الفرنسية والمخترعات والتقاليد المختلفة والألبسة ووسائل النقل والفنون، ويلتقي بأعيان الفرنسيين، وعلى رأسهم نابليون الثالث، ويحصل منهم على وسام الشرف. وقد اغتنم هذه الفرصة وكتب رحلته بعد رجوعه ونشرها مسلسلة في المبشر (تعميما للفائدة ...) (?) ثم في كتاب بعد ذلك. وضمن رحلته نشر أفكاره حول التعليم والحضارة وواجب الجزائريين نحوهما. تحدث عن الأمن والهدوء اللذين يسودان الجزائر في العهد الفرنسي ولم يحدث ذلك في العهد العثماني الذي كثرت فيه المظالم والطغيان (وهذا موضوع عزيز على الفرنسيين)، فالجزائر يسودها العدل والرخاء في العهد الفرنسي، حسب دعواه، ونلاحظ أنه انتقد رجال المخزن الذين كانوا يضطهدون الشعب، ولم يكن هو ولا أسرته منهم بالطبع، واعتبرهم مسؤولين على ضياع البلاد، وأشاد ابن علي الشريف بالعلم والصنائع واللغة الفرنسية. وطلب من الجزائريين ضرورة إدخال أولادهم إلى المدارس العربية والفرنسية والاستفادة من الطب الفرنسي، أي عدم مقاطعة الفرنسيين باسم الدين، أو خوفا على أولادهم من التأثير الديني. واعتبر تعلم الفرنسية أمرا ضروريا. وكانت له فرصة أيضا لمقارنة الحياة والطبائع عند الجزائريين والفرنسيين. فالجزائريون كسلاء والفرنسيون نشطاء، وهؤلاء متقدمون وأولئك متخلفون. وقد قيل عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015