أنه لم يعد إلى مدينة الجزائر إلا سنة 1019، أي بعد حوالي سبع سنوات، وكأنه كان على موعد في الجزائر مع شيخه المطماطي ليودعه الوداع الأخير، ذلك أنه بعد أن لقيه فيها ثانية بوقت قصير توفي المطماطي في نفس السنة (أي 1019). ولا نعرف أن قدورة قد رثاه أو تأثر لوفاته كما رثى وتأثر لوفاة شيخه محمد آبهلول، كما أنه لم يهتم بوفاة شيخيه الآخرين، أبي علي آبهلول وسعيد المقري إذ أنه اكتفى بالقول في الأوراق التي لدينا أن الشيخ أبا علي قد توفي بعد المطماطي ببعض سنين، وكذا (شيخنا سيدي سعيد المقري فيما
بلغنا) (?).
وقد قلنا إن قدورة كان على موعد مع أستاذه المطماطي لأن نشاطه العلمي قد بدأ بوفاة شيخه، ذلك أن المصادر تتحدث عن تداول الإفتاء المالكي بينه وبين أحمد زروق بن عمار بن داود. وأثناء تولي أحمد بن داود لوظيفة الإمامة والتدريس بالجامع الكبير كان قدورة متوليا إمامة جامع البلاط والخطابة في جامع سيدي رمضان. ولا ريب أن قدورة كان أثناء ذلك يدرس أيضا في أحد هذين الجامعين. ومهما يكن من أمر فإنه قد انفرد بالإفتاء أواسط سنة 1028 حين عزل عنه أحمد زروق بن داود (?)، وقد ظل قدورة في هذا المنصب الخطير إلى وفاته سنة 1066، ولعله هو الذي سعى إلى هذا المنصب الذي كان يتهيأ له منذ عاد من زاوية آبهلول وبالتأكيد منذ عاد من رحلته في تلمسان والمغرب. فقد كان مثل هذا المنصب محركا لتنافس كبير بين العلماء، إذ فيه الجاه العريض والمال الغزير، وتدرج قدورة في الوظائف فهو إمام جامع البلاط وخطيب جامع سيدي رمضان ثم هو إمام وخطيب ومدرس الجامع الكبير، بالإضافة إلى كونه مفتي المالكية ووكيل أوقاف