يقول المدني الذي حصل على نسخة منها ونشرها مصاغة ومصححة: إن المذكرات مقسمة إلى قسمين: قسم يبدأ من سنة 910 أي بداية العهد العثماني، ويحتمل أن يكون هذا القسم من الكتاب قد ضاع. أما القسم الثاني فيبدأ من سنة 1168 وينتهي بالاحتلال الفرنسي. وهذا القسم هو الذي قدمه الشيخ المدني بعد أن عثر على النسخة الوحيدة منه لدى الشيخ محمود الشريف حفيد المؤلف. وكانت هذه النسخة على وشك الضياع أيضا، لأن السيد جان ميرانت، مسؤول الشؤون الأهلية كان يسعى للحصول عليها، وكان الحفيد الزهار والمدني يخشيان ضياعها إذا استحوذ عليها هذا المستعرب المبغوض. وذكر المدني أيضا أن للمذكرات قسما آخر (ثالثا) يبدأ من الاحتلال، مشارا إليه بعدة سطور فقط في آخر القسم الثاني. ولكنه يعتبر في حكم الضائع، لأن المدني يؤكد أن دومينيك لوسياني الذي سبق ميرانت في إدارة الشؤون الأهلية، قد استولى عليه ولم يظهر له خبر بعد ذلك (?). ورغم أهمية القسم الثاني من المذكرات، فإنه يبدو أن القسم الثالث الضائع يعتبر أهم منه بالنسبة لبحثنا هذا. ذلك أن تجربة الشيخ الزهار مع الحاج أحمد والأمير وفي المغرب وتونس، وما عاشه من آثار الاحتلال، ومن عاصره من العلماء كان سيساعدنا على فهم النصف الأول من القرن الماضي الذي يفتقر إلى المصادر الوطنية. ومهما كان الأمر فإن النسخة التي وصفها المدني مكتوبة بعربية بسيطة قريبة من الدارجة، وكانت في شكل مسودة. وفيها آراء جديدة عن الدايات وعلاقاتهم بالشعب والسلطان والبلدان الأجنبية (?).