الإنسان العربي قد استيقظ بعد 1930، بل منذ الحرب العالمية الأولى. وكان المدني من دعاة التجديد، فقد تحدث عن التعليم والمرأة والصحافة والشباب، وحث على تكوين المدارس والتخرج في المهن واتقان الفلاحة والتجارة، وانتقد المدارس الثلاث الرسمية لتقاعسها، وبعض الطرق الصوفية لتخاذلها، كما انتقد الإدارة الاستعمارية، ولكن بشيء من الاعتدال غير متوقع في تلك المرحلة. فكتابه يكاد يكون محايدا (?).
8 - ظهر لعبد الرحمن الجيلالي تاريخ الجزائر العام أوائل الخمسينات (1953)، وهو في جزئين. وقد تناول التاريخ من أقدم العصور إلى العهد العثماني. وكان، دافعه أيضا وطنيا. فقد أهداه إلى عقبة بن نافع، ووجهه إلى الشباب. وكان ذلك رمزا لربط الحاضر بالماضي. فعقبة رمز للفتح الإسلامي، والشباب رمز اليقظة والوطنية. وكان هدف المؤلف أن يقتدي الجيل الجديد بأجدادهم، ولا ينغمسوا في الحضارة الأجنبية وينسوا ماضيهم، وتدل ثقافة الجيلالي على هذا الوجه.
فقد ولد سنة 1906، بالجزائر، ودرس على عدة شيوخ في المساجد والزوايا، ومنهم عبد الحليم بن سماية الذي كان من منتقدي النظام الاستعماري رغم أنه كان أستاذا في إحدى المدارس الرسمية، كما تتلمذ الجيلالي على الشيخ المولود الزريبي الأزهري الذي كان مصلحا ثائرا، وكان (الزريبي) قد تخرج من الأزهر وعاد إلى الجزائر ليدعو إلى النهضة والإصلاح ولكنه واجه العقوق والركود (?). كما درس الجيلالي على الشيخ الحفناوي صاحب (تعريف الخلف)، الذي كان من رجال الدين الرسميين ومن الصحفيين الذين عملوا في جريدة المبشر الرسمية طويلا. ودرس