وإليك بعض ما علمنا منها:
1 - في أوائل الثمانيات من القرن الماضي ألف الشيخ محمد بن يوسف أطفيش تاريخا لبني ميزاب سماه الرسالة الشافية. وقد طبعت في وقتها على الحجر، ثم أعيد طبعها أوائل هذا القرن. وكان الشيخ أطفيش أعلم علماء ميزاب في وقته، وكان الفرنسيون قد اتفقوا مع أهل ميزاب على نصب الحماية سنة 1853، مع الإبقاء على مصالح أهل ميزاب وتقاليدهم وممارسة شعائرهم وتجاربهم. ولكن مع فاتح 1880 كانت النوايا الفرنسية تتغير نحو الصحراء عموما، سيما بعد حوادث السبعينات ونشاط بوشوشة والمدقانات، فطلب ايميل ماسكري (?)، وهو مستشرق فرنسي اهتم بمدن ميزاب ولهجتها وتاريخها، من الشيخ أطفيش أن يكتب له خلاصة لتاريخ بني ميزاب تتضمن أنسابهم وأصولهم وعقائدهم وتواريخهم ورجالهم. فكتب الشيخ الرسالة الشافية. واعتقد أنه أجاب فيها بما لا يضر بالإسلام والمسلمين، وكأنه يريد أن يقول إنه كان يعرف أن الفرنسيين قد يتخذون من عمله ذريعة للإساءة إلى بني وطنه، فلم يكتب لهم إلا ما رآه نافعا غير ضار بالمسلمين.
وقد قيل عن الرسالة الشافية (?) إنها أول عمل يطبع حول تاريخ بني ميزاب وحدهم، لأن التواريخ السابقة كانت تدمجهم ضمن الحديث عن الإباضية. ولكن ثقافة الشيخ أطفيش الفقهية طغت على شخصيته كمؤرخ، فلم يكتب (تاريخا) وإنما كتب أخبارا عامة ومعلومات لا تؤرخ فعلا لإنشاء المدن الميزابية، ولا تذكر أصول المؤسسات الاجتماعية والدينية، ولا النظم السياسية، وطريقة توارث الأيمة. ويذهب من درس الرسالة الشافية إلى أنها تبقى مع ذلك مصدرا هاما لتاريخ بني ميزاب، أمام انعدام المصادر الأخرى،