مشروع ابن العنابي في توحيد الأحكام الصادرة عن المحاكم، طبقا للمذاهب الأربعة (?).

أما الفرنسيون فقد كان غرضهم أمرا آخر. كانوا يريدون إخضاع المعاملات الإسلامية للقانون الفرنسي وحصر الشريعة في مسائل الزواج والطلاق، لأن التركات قد تدخل فيها القانون الفرنسي أيضا. وهكذا فبعد نصف قرن (منذ 1850) من تجريد القضاء الإسلامي من اختصاصاته، عين الفرنسيون لجنة لتدوين الفقه في مجلة يصدرونها بعنوان (مجلة الأحكام الإسلامية). وكان ذلك في عهد دومينيك لوسياني الذي كان على رأس إدارة الشؤون الأهلية. تعين مارسيل موران، أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق على رأس اللجنة، وكانت تضم عناصر من الجزائريين والفرنسيين. ورغم دور لوسياني وموران فإن (مجلة الأحكام) صدرت بإسم عالمين جزائريين هما: مصطفى بن أحمد الشرشالي وعبد الرزاق بن محمد الأشرف. وظهرت المجلة سنة 1907 واستمرت في الظهور على الأقل إلى سنة 1913. وعنوانها الكامل هو (مجلة الأحكام السارية الجزائرية) ولها بالفرنسية عنوان معناه (مجموعة القوانين الدينية الجزائرية). وصدر منها مجلدات بين 1907 - 1912 بالإسمين المذكورين، لكن عدد سنة 1913 لم يظهر فيه سوى اسم الشرشالي. فهل توفي الأشرف عندئذ أو تجند للحرب أو تخلى؟ إن الأمر غير واضح (?).

ورغم جهد موران وضغوطاته ومساعي لوسياني وحنكته فإن مشروع تدوين الفقه الإسلامي في الجزائر لم يثمر لوجود معارضة واضحة. وكانت المعارضة من الجزائريين تقوم على الشك في نية الفرنسيين المكشوفة، وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015