(الحاج عمر) وتوجهوا أولا إلى القيروان فوافق عليها مفتي الجامع الكبير هناك، ثم القاهرة، حيث وافق عليها بعض شيوخ الأزهر الشرف، ثم مكة المكرمة حيث وافق عليها مجلس العلماء، الذي انعقد في الطائف تحت رعاية شريف مكة. وقد وافق هؤلاء العلماء، كما جاء في كتاب ليون روش، على أن الجهاد لم يعد واجبا على مسلمي الجزائر، لأنه من باب إلقاء بالنفس إلى التهلكة (?). ونعلم أن السلطات الفرنسية قد روجت لهذه الفتوى في الجزائر كسلاح ضد المقاومة وحركة الجهاد، فقد وزعت نسخا منها على الموظفين ورجال الدين وعلقتها على جدران المساجد، ونشرتها في الصحف، ولعلها جعلتها تقرأ في الخطب المنبرية أيضا، ومع ذلك لا نعلم إلى أي حد كان ليون روش صادقا، في روايته وأخذه موافقة علماء المسلمين على نص فتواه. فنحن نعلم أيضا أن الأمير عبد القادر كتب رسالته (حسام الدين) في هذه الأثناء، وكأننا به كان يرد بها على مثل هذه الفتوى المشبوهة (?).
ولم تكن هذه هي المحاولة الدينية الوحيدة التي حارب بها الفرنسيون هجرة الجزائريين. ففي سنة 1893 حاول الحاكم العام جول كامبون صياغة فتوى أخرى شبيهة بالأولى لكي يمنع بها هجرة الجزائريين المتكاثرة ويهدئ بها المناطق التي كانت فرنسا تعتزم احتلالها في الصحراء، والتمهيد لاحتلال المغرب الأقصى. وكان الإنكليز قد استصدروا فتوى من علماء مكة تذهب إلى أن الهند بلاد إسلامية رغم احتلالها من قبلهم. فلماذا لا يفعل كامبون مثلهم؟ لقد صاغ كامبون فتواه على النحو التالي: إن الجزائر رغم احتلال