المساجد بهدم معظمها وتحويل بعضها إلى كنائس، وإلى اسطبلات، وإلى مراقد للجنود. ثم إعادة بقايا القديس أوغسطين في احتفال ضخم حضره عشرات القساوسة من فرنسا، ومشاركة الجيش في ذلك والصلوات والاستعراضات والزيارات المرافقة، ثم إحياء أسماء أخرى مثل جيرونيمو (?) وسان سيبريان، وإنشاء فرق سميت فرق الآباء والأخوات البيض، وانتشارهم في أقاصي الجبال والصحارى يحملون الصليب إلى سكانها ملفوفا في قوارير الأدوية ولفائف الكتب والأغذية والملابس. وهم في كل ذلك تحت حماية ورعاية الدولة الفرنسية وجيشها وقوانينها الاستثنائية القاسية ضد الجزائريين.

كما سنتناول في هذا الفصل اللجان والجمعيات العلمية. فقد تشكلت منذ آخر الثلاثينات من القرن الماضي لجان علمية رسمية لدراسة أوضاع الجزائر في مختلف مظاهرها. وتعيين فيها عدد من الخبراء، ومنهم العارفون باللغات والاجتماعيات والتاريخ. وقد ظهرت مجلدات وإحصاءات ذات قيمة كبيرة، وكانت مساعدة على ظهور الدراسات الاستشراقية في وقت لاحق. كما كانت أعمال لجنة 18 لسنة 1892، وكراسات لجنة الاحتفال المئوي سنة 1930 مصدرا هاما لمعرفة الجزائر من الوجهة الفرنسية. ويلحق بهذا العنصر أيضا تلك الجمعيات المتخصصة في التاريخ والآثار والجغرافية ونحوها والتي انطلقت من الخمسينات في القرن الماضي. ومن أوائلها جمعية قسنطينة الأثرية وجمعية الجزائر التاريخية. وكلتاهما أسس مجلة ظلت مصدرا لا غنى عنه للباحثين حتى بعد اختفائهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015