كان معظم الجزائريين ينتظرون الخلاص من المشرق: من الدولة العثمانية عندما كانت قوية ثم من مصر بعد أن سمعوا بنهضتها وشاهدوا ذلك فيها أثناء حجهم وزيارتهم (?). ومن الناحية الروحية كانوا دائما ملتفتين نحو الحجاز مهبط الإسلام. ولكن الحجاز عندئذ لا يقدم أية مساعدة سياسية أو مادية. وقد كانت الدولة العلوية (المغرب) مصدر قوة وإلهام لبعض الجزائريين قبل أن تغلب على أمرها ويحتل الفرنسيون أراضيها أيضا.
إن أحداث المشرق والمغرب كانت تصل إلى المتعلمين الجزائريين بشتى الطرق رغم الحواجز التي وضعتها السلطات الفرنسية. فمن جهة كانت جريدة (المبشر) الرسمية نفسها تذكر أحداثا، تراها هامة وتلونها بلونها الرسمي، فقد كانت تغطي أخبار الدولة العثمانية والفارسية والأفغانية والمصرية والهندية والمغربية. ومن حرب القرم إلى حروب البلقان، ومن ثورة عرابي باشا إلى حرب طرابلس، ومن إصلاحات السلطان عبد المجيد والدستور العثماني إلى جمعية الاتحاد والترقي، ثم من أحداث الشام (1860) إلى فتح قناة السويس، ومن الثورة العربية إلى إلغاء الخلافة الإسلامية ... كل ذلك تحدثت عنه المبشر في قليل أو كثير. فكان الشرق حاضرا في أذهان الجزائريين، وكانوا يتخذون نحوه المواقف والصور.
ومن جهة أخرى كان حديث الصحف المحلية الفرنسية عن الإسلام يثير الجزائريين. ذلك أن كتابات الصحفيين أمثال سيرفييه صاحب جريدة (لاديباش) بقسنطينة عن الخطر الإسلامي، كانت لا تمر بدون تعليق