وقد لخص أحد الباحثين (كريستلو) علاقة الأمير بالجزائر في هذه النقاط: التدخل فيها عن طريق تثبيت أفراد عائلته في الوظائف القضائية وغيرها، واستقبال المهاجرين منهم أو العائدين منهم إلى الجزائر، ووجود مبعوثين دائمين بين الجزائر ودمشق. وكان واحدا منهم على الأقل يتوقف بانتظام في قسنطينة عند الشيخ عبد القادر المجاوي. وهذا الرجل هو مصطفى بن درويش الذي كان صلة الوصل بين فاس والجزائر ودمشق. ويقول هذا الباحث إنه بالرغم من عدم البرهان على تدخل الأمير المباشر في السياسة، فإنه كان شعلة متأججة بالمؤامرات في الجزائر، وهي المؤامرات التي كان يتبرأ منها مستقبلا. وفي رأينا أن تبرأه من عمل ابنه محيي الدين سنة 1870 ومن الكتابة باسمه إلى أعيان وشيوخ الجزائر، كان داخلا في هذا السياق (?).

والمؤرخ يجب عليه أن يأخذ في الاعتبار الفترة التي عاشها الأمير ... فإلى وفاته سنة 1883 كانت الجزائر لم تبدأ بعد المرحلة السياسية ولا نضال الأعيان في المدن. لقد عاشت فترة الثورات المستمرة التي لا يمكن حصرها هنا والتي كانت آخرها في عهده هي ثورة بوعمامة (1881). وعاش الأمير كذلك إلى أن رأى انتصاب الجمهورية الثالثة في فرنسا واستيلاء الغلاة الاستعماريين على السلطة فيها وفي الجزائر، وعاش عواقب ثورة 1871 وتجنيس اليهود وبلوغ الاستعمار أوجه في بداية عهد لويس تيرمان وتغيير الحالة المدنية، وسن قانون الأهالي. وهكذا دخلت الجزائر في القفص الضيق الذي لم تبدأ في الخروج منه إلا حوالي 1900. أما في المشرق فالأمير عاش أوضاعا مشابهة، فقد احتلت تونس ومصر وفشلت ثورة عرابي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015