تطور الأوضاع فيها. وبذلك كان يستطيع أن يتملص من الحدث الذي لا يريد أن يتدخل فيه. ومهما كان الأمر فإن تدخل الأمير بواسطة أقربائه العاملين في مجال القضاء والتعليم بالجزائر كان محسوبا عند البعض على الطريقة القادرية.
أما الطريقة الرفاعية فليس لها نفوذ واسع في الجزائر. وكان شيخها الظاهر هو أبو الهدى الصيادي مستشار السلطان عبد الحميد الثاني. وكان الصيادي قد وقف ضد طموحات السيد جمال الدين الأفغاني لتحقيق الوحدة (الجامعة) الإسلامية بواسطة السلطان. وكانت بين الصيادي وبعض الجزائريين مراسلات، نذكر منهم الشيخ عاشور الخنقي الذي طالما دافع عن الأشراف دفاعا مستميتا، سيما في كتابه (منار الإشراف) (?). ويعتبر الفرنسيون أن الشريف عون حاكم مكة المكرمة كان من صنائع أبي الهدى الصيادي، ومن ثمة تأثير الشريف عون في الحجاج الجزائريين وغيرهم. وبذلك تكون الرفاعية قد امتدت إلى الجزائر ولكن بنفوذ يبدو ضعيفا. وكانت الرفاعية تخدم فكرة الجامعة الإسلامية كما تبناها السلطان عبد الحميد وليس على طريقة السيد الأفغاني.
وكذلك كان للطريقة المدنية بعض النفوذ في الجزائر. وكانت المدنية قوية في الحجاز وليبيا واسطانبول. وكان شيخها القوي عندئذ (آخر القرن الماضي) هو محمد ظافر المدني الذي استقر باسطانبول. وهو الذي يعتبره الفرنسيون الموجه الحقيقي للجامعة الإسلامية في المغرب العربي. وكان للطريقة المدنية أتباع في الجزائر، كما عرفنا، منذ الشيخ موسى الدرقاوي. وكان الشيخ ظافر منافسا للشيخ السنوسي في المنطقة، لأن الأخير كان يعتبر متمردا على العثمانيين بينما الشيخ ظافر كان ضمن المؤسسة الرسمية من العلماء والصوفية في الدولة. ومهما كان الأمر فإن هذه الطرق المشرقية كانت لها صلات، ولو ضعيفة، مع الجزائر، في مجال التصوف والسياسة والحضارة. ويذهب الفرنسيون إلى أن من بين الوسائل التي يوصل بها