الجمهورية الثالثة التي ألغت على حرية العقيدة والضمير، أي الحرية الدينية، وبداية الحملة في فصل الدين عن الدولة. وكان رين وبعض الكتاب من أنصار هذا الاتجاه. ولكن رين لم يكن يكتب كتابا نظريا محضا يبدي فيه رأيه نحو الدين والدولة والتقدم والتخلف والشرق والغرب، بل كان ضابطا مسؤولا، في الشؤون الجزائرية، وكان يريد السيطرة على الطرق الصوفية التي كان يرى فيها خطرا على الوجود الفرنسي لصلتها بالجامعة الإسلامية عدوة الشعوب الغربية في نظره.

حقيقة أن الطرق الصوفية كانت نشيطة عندئذ ولكن علاقتها بالجامعة الإسلامية مبالغ فيها. لم يذكر رين اسم جمال الدين الأفغاني زعيم الجامعة الإسلامية الذي تعاونت المخابرات الفرنسية والإنكليزية على إبعاده من مصر والهند وتركه (يسبح) فقط في أوروبا حيث يراقبون كل تحركاته وأقواله. وقد قاده ذلك إلى الإرتماء في أحضان السلطان عبد الحميد الثاني الذي لم يكن أرحم به من الساسة الإنكليز والفرنسيين بعد أن أضيف لهم ساسة الحركة الصهيونية. ولكن من الأكيد أن حركة الجامعة الإسلامية كانت تتجاوب إلى حد كبير مع رجال من أمثال بو عمامة الجزائري وعرابي المصري والمهدي السوداني. وكان الثلاثة متعاصرين ومعاصرين لنشاط جمعية العروة الوثقى التي لها خيوط سرية، ولكن ليس بالدقة والضخامة التي يريد لويس رين تقديمها بها.

أما الحركة الصوفية فقد كان لها وسائل اتصالاتها. هناك طريق الحج رغم القيود عليه. وهناك الرسائل المرموزة والشخصيات المتنكرة. وكان المهاجرون لا يقطع سيلهم، وسنعرف أن من بين من خاض الحرب ضد الفرنسيين رجال كانوا يمثلون بعض الطرق الصوفية التي ذكرناها - مبعوثين! - مثل محمد بن عبد الله (بو معزة) من الطريقة الطيبية، وموسى الدرقاوي الذي جاء من مصر ودخل في الطريقة المدنية (الدرقاوية) وحارب الفرنسيين مدة طويلة حتى قتل في الزعاطشة سنة 1849. وفي سنة 1845 وردت على الجزائر شخصية غريبة، ما يزال الغموض يكتنفها، ونعني بذلك الشيخ محمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015