الاحتلال. وسنكتفي بلمحات وشواهد على الروابط القائمة رغم محاولة الفرنسيين عزل الجزائر ومراقبة اتصالاتها مع الخارج.

من بين الطرق الكثيرة العاملة في الجزائر خلال الاحتلال ما كان أصله في بغداد أو المغرب أو مصر أو ليبيا أو الحجاز. وكانت الزيارات والصلات متبادلة، لأن الأصول والاهتمامات واحدة. ومن الطرق التي نشأت في المغرب وأصبح لها فروع في الجزائر نذكر الطيبية والعيساوية والحنصالية والدرقاوية، ومن الطرق التي ظهرت في المغرب وتونس ثم انتقلت إلى المشرق نجد الشاذلية. أما الطريقة الشهيرة التي نشأت في بغداد وكان لها فروع ومقدمون في الجزائر فهي القادرية. وكانت الطريقة المدنية قد ظهرت في ليبيا ومنها انتقلت إلى الجزائر، رغم أن للمدنية تيارات في الحجاز واسطانبول، كما أن لها أصولا درقاوية. ومن تونس دخلت الطريقة الشابية والبوعلية والسلامية إلى الجزائرر. والطريقة الرحمانية وإن كانت تظهر جزائرية فإن أصلها يرجع إلى الخلوتية بمصر. وتبقى التجانية التي تبدو جزائرية الظهور أيضا، ولكن صاحبها قد دخل مختلف الطرق من قبل، وبعد أن أظهر طريقته في الجزائر رحل بها، لأسباب مختلفة، إلى المغرب الأقصى، ومن هناك ذاعت وانتشرت ثم عادت إلى الجزائر. وآخر الطرق المهمة هي السنوسية التي دخلت الجزائر من ليبيا بعد أن انتقلت إليها من الحجاز (?).

نحن هنا لا نبحث في الطرق الصوفية في حد ذاتها ولكن في العلاقات الناشئة بسببها بين الجزائريين وغيرهم في المغرب والمشرق. وإذا كان الفرنسيون قد توصلوا حتى إلى تدجين بعض الطرق المغربية وجعلها في خدمتهم مثل الطيبية، فإنهم اكتفوا بالنسبة للقادرية مثلا بالسيطرة على فروعها في الجزائر ومراقبة نشاط من يأتي باسمها من المشرق. وكذلك فعلوا مع السنوسية التي صوروها في أحيان كثيرة على أنها مصدر خطر عليهم. وكان الفرنسيون أيضا ينظرون إلى هذه الطرق (الأجنبية) على أنها جمعيات سرية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015