أنفسهم لأسباب سياسية أو اقتصادية أو دينية. ورغم وجود عدد معتبر من الكراغلة (أحفاد الأتراك) فإننا لا نعرف أنهم هاجروا بأعداد كبيرة نحو اسطانبول أو نحو مدن أخرى من الدولة العثمانية. فقد كانوا يمثلون عنصرا من الفئة التي أطلق عليها الفرنسيون اسم (الحضر) أو سكان المدن. ولم تكن تخلو مدينة هامة من هؤلاء. نعم هناك هجرة أفراد منهم لأسباب سياسية مثل حمدان خوجة. وقد أجبر الفرنسيون بعض الكراغلة على الهجرة أيضا، في فترات متباعدة. كما أن وضعهم في تلمسان وفي المدية وفي واد الزيتون الخ. لم يكن مريحا في عهد الأمير عبد القادر. ولعل بعضهم قد اختاروا الهجرة على البقاء عندئذ.
والمهاجرون إلى اسطانبول قلما كانوا يذهبون إليها مباشرة. فقد كانوا غالبا يتوجهون إلى الحج أو إلى سورية أو الاسكندرية، ثم منها إلى العاصمة العثمانة. ونحن نعلم أن بعض أعيان المهاجرين في سورية قد انتقلوا إلى اسطانبول، أو كانوا يترددون هنا وهناك. وكانت تونس معبراو آخر قبل احتلالها من فرنسا، إلى الأراضي العثمانية. ولاحظ أن قضية اللغة كانت تلعب دورا رئيسيا في الموضوع، إذ يظهر أن الجزائريين الذين يعرفون اللغة العثمانية كانوا قليلين. ولذلك كانوا يتوجهون إلى البلاد العربية الواقعة بالفعل تحت الدولة العثمانية مثل سورية والحجاز. ومن جهة أخرى فإن مراكز الاستقطاب الديني والعلمي كانت في غير اسطانبول مثل الأزهر والحرمين الشريفين والقدس الشرف. إن الأراضي التي كانت توزع على الجزائريين معظمها كانت في سورية (بما في ذلك فلسطين ولبنان) وقليل منها فقط كان بأناضوليا. وهكذا يبدو أن اسطانبول لم تكن سوى العاصمة السياسية بالنسبة للجزائريين. وقد كان معظم المهاجرين غير مهتمين بالسياسة لأنهم كانوا من الناس العاديين الفارين بدينهم إلى أرض الإسلام والعرب.
أما السياسيون فقد كانوا يحلون باسطانول فيقضون منها حاجاتهم كالاستقبال الرسمي أو البحث عن عمل مناسب أو الاتصال بشخصيات هامة، ثم يغادرونها إلى حيث يستقرون، وقلما يتخذونها دارا للإقامة. حدث ذلك