المغاربة. ومنذ القديم كان الجزائريون يعجبون إعجابا خاصا بمصر ويعتبرونها كعبة العلم والحضارة لأنهم كانوا يعرفونها أكثر مما كانوا يعرفون العراق وسورية، لوقوع مصر في طريق الحج.
من رجال السياسة الجزائريين الأوائل الذين هاجروا أو نفوا من بلادهم إلى مصر نعرف الباي حسن بن موسى - باي وهران، الذي كان طاعنا في السن زمن الاحتلال، وقد حمله الفرنسيون أوائل 1831 إلى الإسكندرية. وحوالي نفس الوقت حملوا إليها أيضا باي التيطرى مصطفى بو مزراق. أما الداي حسين فقد هاجر إلى مصر ونزل الاسكندرية بعد أن فشلت خططه في الرجوع إلى الجزائر وضاقت به ليفورنيا (إيطاليا)، وربما فعل ذلك لأسباب مادية أيضا. وهكذا رأينا ثلاثة من (حكام) الجزائر السابقين قد نزلوا مصر، ومع كل منهم (حاشيته) التي قد لا تقل عن الخمسين. وكان مع الداي حسين صهره وقائد جيشه الآغا إبراهيم، الذي عجز عن مقاومة الجيش الفرنسي في اسطاويلي (?).
أما العلماء فقد حلوا بمصر مهاجرين أو منفيين ثم طلبة ودارسين. كان رائدهم محمد بن العنابي الذي نفاه كلوزيل 1830، بدعوى أنه كان (يتآمر) لاستعادة الحكم الإسلامي إلى الجزائر، أي كان ينظم المقاومة ضد الفرنسيين. وقد وظف ابن العنابي بالاسكندرية وأصبح مفتي الأحناف بها، وطال عمره إلى 1853. وقد لحق به زميله في الفتوى بالجزائر وهو الشيخ مصطفى الكبابطي الذي نفاه المارشال بوجو سنة 1843 لمعارضته إدخال اللغة الفرنسية في المدارس القرآنية. وكان الكبابطي عندئذ مفتيا على المذهب المالكي. ولا نعرف أنه توظف في مصر، ولكنه أصبح من المدرسين في أحد مساجد الاسكندرية ربما لتدبير رزقه. وكان لابن العنابي وللكبابطي زملاء وتلاميذ في مصر نذكر منهم الفقيه إبراهيم السقا، والشاعر