والهجرة إلى ليبيا (طرابلس) كانت أيضا شائعة، ولكن الطريق لم يكن كالطريق إلى تونس أو المغرب. فالذهاب إلى ليبيا كان يتم إما عبر تونس وإما عبر وادي سوف والجنوب الشرقي. والطريق الأخير كان يتطلب معرفة مسالك القوافل، ويتميز بالمغامرة ولا يقدر عليه عادة إلا الأصحاء، والمتعودون على جو الصحراء. وكان دخول ليبيا يعتبر منعة اللاجئين الجزائريين.
والواقع أن التعاون بين الجزائريين والليبيين ضد الاحتلال قد بدأ مبكرا. وان تعاون حسونة دغيز مع حمدان خوجة واللاجئين الجزائريين في فرنسا معروف الآن بعد نشر كتاب (المرآة) وبعد دراسة عبد الجليل التميمي (?). وتذكر المصادر الفرنسية أن خلافا حدث بين طرابلس وفرنسا بمناسبة حفل عيد شارل العاشر ملك فرنسا. فاشترط قنصل فرنسا، واسمه روسو، عزل وزير الخارجية حسونة دغيز باعتباره المتسبب الرئيسي للإهانة (؟) التي لحقت بفرنسا، كما اشترط على الباي نفيه (أي دغيز) من طرابلس. وتفاديا للإهانة الشخصية قدم دغيز استقالته من الخارجية بنفسه. وتراجع القنصل روسو عن اشتراط النفي لعدة اعتبارات، منها تدخل عثمان ابن باشا طرابلس، وتدخل قنصل اسبانيا (هيرادور). لقد كان إبنا باشا طرابلس متزوجين من أختي دغيز. وكان والد دغيز ذا حظوة كبيرة باعتباره من الأعيان والأشراف. وذلك هو ما دفع بقنصل إسبانيا إلى إقناع زميله الفرنسي أن يتنازل عن شرط النفي، رغم أن روسو كان يعرف أن حسونة دغيز كان (يكره الفرنسيين كرها شديدا) (?).
كان ذلك سنة 1826 أي عشية الخلاف بين الجزائر وفرنسا الذي انفجر