ووجد الجزائريون في جامع الزيتونة موردا عذبا في الوقت الذي ضاقت فيه بلادهم عن معلم حضاري مثله. وكانت السلطات الفرنسية تتوجس من الذين درسوا في الزيتونة، وكانت لا تفسح المجال لتوظيفهم، لأنهم لم يتخرجوا من المدارس الفرنسية الرسمية، وكانت تعتبرهم من المتمردين عليها. ولا ندري إلى أي مدى كان الطلبة الجزائريون يقصدون الزيتونة قبل احتلال تونس سنة 1881. والظاهر أن دراستهم فيه كانت محدودة قبل 1900. ويعتبر ابن باديس الذي توجه إلى تونس سنة 1908 من أوائل من فتح هذا العهد الجديد مع جامع الزيتونة. ويكفي تونس أنها أخرجت هذا الرجل الفذ. ولقد توالى الطلبة الجزائريون على تونس في العقود التالية (?). وتكفي الإشارة إلى البعثات الميزابية التي قادها الشيخ أبو اليقظان وإبراهيم بيوض، ثم بعثات ابن باديس وجمعية العلماء وحتى بعض الزوايا والأحزاب السياسية منذ الحرب العالمية الأولى. ومن إنتاج الزيتونة أيضا الشاعران: محمد العيد ومفدي زكريا والمؤرخ مبارك الميلي الهلالي.
وقد توظف الجزائريون في تونس حتى قبل الحماية الفرنسية، وأصبح بعضهم معلما خاصا لأبناء الوزراء، مثل الشيخ الطاهر الجنادي الذي كان قبل هجرته شيخا في زاوية سيدي عبد الرحمن اليلولي. ثم تولى الجنادي وظائف أخرى، وتوفي بتونس. وكان محمد بلعربي أحد الأطباء الجزائريين الذين توظفوا في تونس أيضا، وتوظف آخرون في الصحافة، وبعضهم في التدريس بالزيتونة مثل الشيخ محمد اللقاني، ومحمد بن عبد السلام، وسلطاني. ودخل بعضهم الحياة السياسية أمثال صالح بن يحيى وإبراهيم أطفيش وأحمد توفيق المدني وحسن القلاتي.
وذكر علال الفاسي من الجزائريين في تونس مجموعة تولت مناصب