رقم كذا من المهاجرين وأغلبهم من ناحية كذا. ثم أن بعض المهاجرين قدموا من الجزائر وآخرين أقاموا في المغرب أو تونس فترة ثم بدا لهم أن يتوجهوا إلى المشرق، ولا سيما بعد احتلال تونس. كما أن الأرقام القنصلية غير دقيقة من ناحية أخرى، لأنها تذكر من لهم جوازات سفر رسمية فقط. كما أن تقارير القناصل الفرنسية متضاربة حول جاذبية الهجرة. فهي تارة تذكر دعاية أبناء الأمير عبدالقادر الذين تعثمنوا (أخذوا الجنسية العثمانية)، وتارة تذكر تأثير الجامعة الإسلامية. ومن جهة أخرى شكر أن الأراضي التي تمنح للمهاجرين كانت غير صالحة وأن بعضهم كانوا يرغبون في الرجوع، بينما تقول في تقارير أخرى إن المهاجرين كانوا يكتبون لإخوانهم ثم يحثونهم على الهجرة ويصفون لهم الحياة السعيدة التي هم فيها. ومن ذلك ذكرها للحاج الطاهر بن أحمد بن عبد الله، وهو من الأعيان، فقد كان يرسل الرسائل إلى معارفه في أم البواقي ويشجعهم على الهجرة واعدا إياهم بأنهم سيجدون عند الدولة العثمانية استقبالا، حسنا (?).
وفي آخر القرن (1898) كانت حالة الهجرة تدل على تذمر وسخط الجزائريين، ومع ذلك حاول الفرنسيون إعطاءها طابعا آخر. وهو أنها من تأثيرات الجامعة الإسلامية والطريقة الرحمانية. فقد عبر كامبون قبل ذلك بأن تصوير الحياة في سورية على أنها رغدة هو الذين قاد المهاجرين إلى التوجه هناك، وأن العاطفة الدينية كانت تشجع على الهجرة. وروى أن إحدى المراسلات جاء فيها (تعالوا والتحقوا بنا في بلاد يحكمها سلطان الإسلام وفي بلاد مسلمة ... تعالوا واقضوا بقية حياتكم في بلاد غنية بالخيرات والصلوات والاحترام، وقد وعد الله المهاجرين مكانا أفضل في الآخرة). وأضاف كامبون أن بعض الذين هاجروا إلى سورية من زواوة رجعوا إلى دواويرهم الأصلية ليناشدوا إخوانهم في الدين الالتحاق بهم في تلك الأرض المباركة، وقال إن الطريقة الرحمانية تشارك في هذه الحملة