كانت الهجرة من المدينة، كما ذكرنا، ابتداء من العاصمة، ثم تلاحقت المدن الأخرى: البليدة، المدية، قسنطينة، وهران، بجاية، تلمسان، الخ. وفي سنة 1847 هاجر الشيخ المهدي السكلاوي من مدينة دلس إلى المشرق مع عدد من أعيان زواوة، ووجه من هناك نداءه إلى أعيان هذه المنطقة طالبا منهم الهجرة فاستجاب له عدد منهم، وكان الشيخ السكلاوي هو زعيم الطريقة الرحمانية ذات النفوذ الواسع (?). ثم شهدت زواوة حركات هجرة متوالية، سيما 1849، 1857، 1871، ثم في نهاية القرن. وقد هاجرت من هناك جماعات مع خليفة الأمير، أحمد الطيب بن سالم، والحاج عمر زعيم زاوية سيدي محمد بن عبد الرحمن بآيت إسماعيل.
وتوالت الهجرة إلى المغرب تتم المشرق من الجهات الغربية أشاء المقاومة، عائلات بأكملها وأعيان العلماء والقضاة هاجروا من معسكر وتلمسان ووهران ومازونة ومستغانم وتنس إلى المغرب الأقصى. وقد استقرت منهم عائلات هناك أمثال المشرفي، وسقط، والأعرج، وابن سعد، والمجاوي، وبوطالب. وسكن بعضهم وجدة وفاس وطنجة. وبعد هزيمة الأمير عبدالقادر تكاثر المهاجرون إلى المغرب ثم المشرق، والتحق العديد منهم بالشام، والقليل فقط اتجهوا نحو اسطانبول والحجاز. وعندما حل الأمير بالمشرق إثر إطلاق سراحه سنة 1852، ازدادت حركة الهجرة أيضا من النواحي الغربية. ولم يكن الأمير وحده وإما كان معه رفقاؤه وأصهاره، فكانت المراسلات والاتصالات تشجع على الهجرة من الجزائر.
وشهدت النواحي الشرقية أيضا، تفاوتا في حركة الهجرة. وكان أبرزها هجرة أعيان عنابة وبجاية على إثر الاحتلال 1832، ثم من قسنطينة بعد 1837. واتجهت الهجرة نحو تونس، ومنها إلى المشرق. ولكن بعض المهاجرين قد استقروا في تونس. أما الهجرة الكبيرة من نواحي سطيف وقسنطينة فكانت عقب ثورة 1871. وقصد بعض أهل الجنوب ليبيا وجنوب