الفرنسيين. وبعضهم فعل ذلك طلبا للعيش في كنف الإسلام والحرية الدينية. وجل المهاجرين بعد 1850 فعلوا ذلك لأنهم فقدوا أراضيهم التي استولى عليها الكولون بمساندة الإدارة الاستعمارية. كما هاجر آخرون بعد فشل الانتفاضات وتعرضهم للعقوبات الصارمة ووضعهم تحت طائلة (قانون الأهالي) البغيض. فالقول بأن الهجرة نحو المشرق كانت لأسباب (سيكولوجية) فيه ابتعاد عن الحقيقة أو بالأحرى لا يذكر كل الحقيقة (?). لأن الابتعاد بالدين أو الهروب من العيش تحت حكم الفرنسيين لم يكن هو السبب الوحيد في الهجرة، كما يهم من عبارة (سيكولوجية)، بل هناك أسباب اقتصادية وسياسية وراء ذلك. بقى أن نذكر أن بعض أعيان الجزائريين قد أجبرتهم السلطات الفرنسية نفسها على الهجرة مثل المفتي ابن العنابي والمفتي ابن الكبابطي (?) وقدور بن رويلة. وكان بعضهم قد تعرضوا للنفي فتحولوا إلى المشرق مثل عبد العزيز الحداد ومحمد وعلي السحنوني.

بالإضافة إلى الأسباب الدينية (مصادرة الأوقاف وهدم المساجد والزوايا وتدجين رجال الدين الباقين) والأسباب الاجتماعية والاقتصادية (اغتصاب الأراضي وتدهور الصناعات المحلية، وقانون الأهالي، وتغيير الحالة المدنية والعقوبات بعد الثورات)، هناك عوامل أخرى شجعت على حركة الهجرة نحو المشرق العربي والإسلامي وكذلك نحو تونس والمغرب. من ذلك أن بعض الحضر (أهل المدن) كانوا من أصول مشرقية فلما سقط الحكم العثماني فضلوا الرجوع إلى بلدان أجدادهم طلبا للأمان. ومن ذلك أن الجزائريين الذين سبقوا بالهجرة أخذوا يحثون إخوانهم، سيما من الأعيان، على اللحاق بهم في الشام أو في اسطانول أو في الحجاز، وكانوا يزينون لهم الإقامة هناك ويذكرونهم بمساوئ الحكم الاستعماري. ومن جهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015