ولذلك كرس اهتمامه للنسخ (?). ومن الشائع قديما أنه قلما يجتمع حب التأليف أو موهبته مع حب النسخ وموهبته، لأن المؤلف يشتغل بالتفكير أكثر من الخط عكس النساخ الذي يهتم بجماليات الخط أكثر من صيد الأفكار. وبعض المؤلفين لا تكاد تقرأ لهم خطا لسرعتهم في الكتابة وانشغال الذهن وحركة القلم والأصابع حتى أنهم كانوا ينسون بعض الكلمات في أقلامهم دون أن يخطوها بأيديهم على الورق، وهم يظنون أنهم كتبوها.
وفي قسنطينة اشتهر محمد الصالح العنتري بحسن الخط. وهو من عائلة كانت، فيما يبدو، تشتغل بالخطاطة والنساخة، إذ وجدنا مجموعا بخط أحمد بن محمد العنتري (ربما هو والد محمد الصالح) ويرجع إلى سنة 1223 (1808) ويتضمن خلاصات لكتب وأخبارا ومختارات في السياسة والخطابة والرسائل، منها كتاب سلوك المسالك في تدبير الممالك لابن أبي الربيع، ومجموعة من القصائد في المراثي لأدباء تونس (?). وكان أحمد العنتري كاتبا موظفا عند الحاج أحمد، باي قسنطينة، وقيل إنه تخلص منه في ظروف غامضة متهما إياه بأخذ الرشوة من الفرنسيين. أما إبنه (محمد الصالح) فقد ارتفع مقامه عند رئيس المكتب العربي البارون بواسوني وأصبح من كتاب المكتب العربي لحسن خطه. وقد اطلعنا له على بعض الرسائل وعلى تقييده المسمى مجاعات قسنطينة بخطه، فكان خطه على درجة جيدة من الدقة والفن. ولكننا لا نعلم أنه نسخ الكتب أو اشتغل بالوراقة (?).
وأثناء تصفحنا لبعض المجاميع في مكتبة أحمد بن السائح في بسكرة بتاريخ 21 سبتمبر 1983، عثرنا على عدة أعمال تذكر الناسخين، وأغلبهم كانوا من قمار أصلا وكانوا يقيمون أو يترددون على بسكرة. منهم: أحمد بن