والغريب أن طريقة الدخل والصرف كانت متشابهة أيضا سنة 1879 أثناء حكم ألبير قريفي. ففي هذه السنة كان دخل المكتب الخيري 367.355,76. بينما لم يصرف على المستفيدين سوى 112، 547، 53 ف. فكان الفاضل هنا أيضا 254.808,23 (?). وإذا صح هذا فإن البلدية (الفرنسية) التي آل إليها التحكم في ميزانية المكتب الخيري ومراقبتها هي المستفيدة في النهاية، وربما كانت تستعمل الدخل الفائض في مشاريع استعمارية، وهو الأمر الذي أسال لعاب الكولون فطالبوا بتوحيد ميزانية المكتب الخيري الإسلامي مع ميزانية المكتب الخيري الفرنسي (?). فقد جرى نقاش حاد سنة 1888 حول ضم المكتب الخيري الإسلامي إلى المكتب الخيري الفرنسي، بدعوى أن للأول مداخيل محددة بينما الثاني ليس له ذلك، وأن في دمجهما فائدة للجميع، كما قال المدعون، وأثناء هذا النقاش كتب عضو المكتب، السيد محمد بن صيام، تقريرا ذكر فيه بأصل الإعانة والدين الذي على الدولة الفرنسية نحو المسلمين.
ومما جاء في تقرير ابن صيام، بعد عرض تاريخي لقضية الوقف بين 1830 و 1857، أن غلاء المعيشة وانتشار الفقر ونقص الميزانية جعل المكتب لا يستطيع الصرف على المسجلين عنده من الفقراء فما بالك بالجدد. وبدل الزيادة، نقصت الميزانية عن المبلغ المحدد وهو 113، 510 ف. فقد انخفض إلى 107، 500 فرنك ثم إلى 105,000 ف. ثم إلى 75,000 ف. ثم 65,000 ف. وأخيرا انخفض إلى 60,000 ف. وبهذا المبلغ، ورغم وجود وقف القينعي، فإن المكتب لا يستطيع أن يصرف على ال 1,400 فقير مسجل وعلى أكثر من 2,000 سيسجلهم، وعلى صيانة