وإما بقي غنيمة للصوص والمضاربين. وقد استعملت أحجار الشواهد كمواد للبناء. ولم ينج من هذه المجزرة الرهيبة للموتى والآثار التاريخية إلا القليل من الشواهد التي وجدت طريقها إلى المتحف. ومن ثمة فإن القباب التي ذكرناها والتي بقيت بعض الوقت قائمة هي التي لم تكن ضمن المقابر التي تعرضت للهدم الجماعي والتي وصفها ديفوكس (?).
والغريب في الأمر أيضا أن الوقفية الهامة التي سجلت جميع هذه المعالم قبل هدمها وبعده قد فقدت سنة 1843. فقد كانت وقفية مفصلة لها باب خاص كل معلم ديني: مساجد، قباب، زوايا، مدارس، أضرحة، جبانات. وهي وقفية أصلية. هذه الوقفية فقدت أثناء وضع الإدارة الفرنسية يدها على أوقاف الجامع الكبير (1843). ثم عثر على نسخة غير كاملة منها وغير مؤرخة. وكانت هذه النسخة الناقصة قد وضعت عند القاضي المالكي، وهي ترجع، حسب ديفوكس، إلى أوائل القرن الثاني عشر للهجرة (حوالي (1101 - 1125) (?).
وقد علمنا أن الجامع الكبير والجامع الجديد بالعاصمة قد خضعا للهدم الجزئي والتشويه العمراني، ثم خطط الفرنسيون لإزالتهما تماما مرتين، مرة في عهد تيرمان في الثمانينات وأخرى في عهد جونار سنة 1905. ولولا الخوف من رد فعل السكان والهيجان الذي رافق التحضير لإصدار قرار الإزالة لما تراجع الفرنسيون عن خطتهم. فكيف نقول إن الجزائريين كانوا متسامحين في أمور دينهم ومعالم حضارتهم؟ حقيقة أن السلطات الفرنسية أخذت تراعي مشاعر المسلمين وتداهنهم عندما تمس الآثار الإسلامية. ونحن نجد عدة أمثلة على ذلك. فكانت تستصدر أولا (فتوى) من رجال