وقد لاحظ الرحالة والزائرون لمدينة الجزائر طمس المساجد بكل الوسائل وتحت مختلف الأغطية. فقال القس بلاكسلي سنة 1858 إن من بين بقايا المساجد القديمة الجميلة ما هو مستعمل الآن ثكنة عسكرية للمدفعية أو لأغراض عسكرية أخرى. وقد عانت هذه المساجد من التخريب والتعديل والتحولات بحيث لم يعد المرء يفرق بعد ذلك ما إذا كانت هي نفسها المساجد التي كانت من قبل. وكانت مدارس لتحفيظ القرآن متصلة بالمساجد، فاندثر كل ذلك معها (?).
وعن مصير مساجد العاصمة أيضا كتب السيد بولسكي فقال لقد كان بها عشرة جوامع كبيرة وحوالي خمسين صغيرة، لكن الآن (1854) انخفض ذلك العدد إلى النصف. إن كثيرا منها قد هدم لتوسيع الطرقات أو لإفساح المجال لبناء المنازل. وقد حول أحدها إلى مسرح (وهذا ما لم يذكره ديفوكس)، وآخر إلى مخزن لعلف الدواب، وآخر إلى براكة (ثكنة). وأضاف هذا المصدر، أن الحكومة الفرنسية طالما تلقت النقد على سياستها الدينية السيئة نحو بيوت العبادة الإسلامية، وهي السياسة التي لا يمكن للمسلمين أن ينسوها أو يغفروها للحكام الفرنسيين (?).
وهناك ملاحظات أخرى أبداها بولسكي حول المساجد. من بينها أن عدد السكان المسلمين في مدينة الجزائر قد تناقص كثيرا بالهجرة الخارجية والداخلية. وهذا الوضع جعل المساجد تظهر كأنها أكثر من حاجة السكان الباقين (?). وهذا رأي لعله كان في أذهان الفرنسيين عندما حملوا الفؤوس لتخريب المساجد الزائدة عن الحاجة في نظرهم. لقد أرغم الفرنسيون (الأتراك) على الخروج من الجزائر، ثم خرج منها كثير من أهل الحضر ذوي