وعندما كان الفرنسيون يختارون أي المساجد الكبرى والجميلة لكي يحولوه إلى كاتدرالية كاثوليكية، اقترح بعضهم اسم الجامع الجديد ليكون الضحية، وتناقشوا في ذلك طويلا، وملأوا الصحف والتقارير والمجالس بالمبررات، ولكنهم أخيرا اختاروا جامع كتشاوة ليكون هو الضحية، وأبقوا على الجامع الجديد، تخليدا لذكرى الأسير الأسطوري، وتخليدا لشكل الصليب الذي نواه، واحتراما لإرادته في الدارين.

غير الفرنسيون اسم الجامع الجديد إلى جامع الصيد البحري. واستولوا على أوقافه الكثيرة التي كانت تشرف عليها مؤسسة (سبل الخيرات) الحنفية. وأخذوا يغيرون منه جهة البحر عندما كانوا يعدون شارع الإمبراطورية الموازي لسيف البحر. وبذلك غيرت مصالح الأرصفة واجهة الجامع البحرية تماما، وغطته عن الأنظار فأصبح عبارة عن دهاليز معتمة حجبت عنه الشمس. ويقول ديفوكس الذي كان شاهد عيان لهذه المجزرة العمرانية - الصليبية: إن مصالح الأرصفة قد غيرته تماما عما كان عليه، واختفى بذلك التغيير منظر بحري جميل كان هو المصدر الأول لرشاقة الجامع. ومن هذه التغييرات التي أفسدت شكل الجامع أنهم أغلقوا نهائيا بابه الجنوبي - الغربي، كما أغلقوا بابه الذي كان يفتح نحو البحر لمد الطريق المذكور، وكذلك أجروا تعديلا على بابه الثالث. وتبلغ مساحة الجامع الجديد 1371 مترار و 20 سم (8 متر عرضا في 39 متر 59 طولا). أما طول منارته فكان 30 مترا. ولكن الدفن الذي حصل في شارع البحرية أنقص منها خمسة أمتار.

كان الجامع الجديد مقرا للمفتي الحنفي. وآخر المفتين فيه عند الاحتلال هو الحاج أحمد بن الحاج عمر بن مصطفى الذي تولى سنة 1243/ 1827. وترجع الوثائق بناء الجامع الجديد إلى سنة 1070/ 1660، في مكان مدرسة بوعنان. وينسب بناؤه إلى المجاهد الحاج الحبيب (?). وتسميه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015